الحاجَة، كما قال بعض العرب: من كانت أُمَّك، حَيْثُ أَوقع مَنْ على مؤنَّث. وإنما صُيَّرَ جاء بمنزلة كان في هذا الحرف وحده لأنه كان بمنزلة المثَل، كما جعلوا عَسَى بمنزلة كان في قولهم: " عسى الغُوَيْرُ أَبْؤُسًا "، ولا يقال: عَسَيْتَ أخانا. وكما جعلوا لَدُنْ مع غُدْوَةَ منّونةً في قولهم لَدُنْ غُدْوَةً. ومن كلامهم أن يجعلوا الشيء في موضعٍ على غير حاله في سائر الكلام، وسترى مثل ذلك إن شاء الله.
ومن يقول من العرب: ما جاءتْ حاجتُك، كثيرٌ، كما يقول من كانتْ أمُّك. ولم يقولوا ما جاء حاجتَك كما قالوا مَنْ كان أمَّك، لأنَّه بمنزلة المَثَل فألزموه التاءَ، كما اتفقوا على لعمر كان في اليمين.
وزعم يونسُ أنه سمع رُؤبة يقول: ما جاءتْ حاجتُك؛ فيرفَع.
ومثلُ قولهم ما جاءتْ حاجتَك إذ صارتْ تقَع على مؤنَّث، قراءةُ بعض القرّاء: " ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا " و" تَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَِةِ ". وربَّما قالوا في بعض الكلام: ذهبتْ بعض أصابعه، وإنما أنث البعضَ لأنّه أضافه إلى مؤنّثٍ هو منه، ولو لم يكن منه لم يُؤنَّثْه، لأنه لو قال: ذهبتْ عبدُ أمَّك لم يَحْسُنْ.
1 / 51