وإنما فُصِلَ هذا أنَّها أفعالٌ تُوصَلُ بحروفِ الإضافة، فتقولُ: اخترتُ فلانًا من الَّرجالِ، وسمّيته بفلان، كما تقول: عرّفتُه بهذه العلامة وأوضحتهُ بها، وأستغفِرُ الله من ذلك، فلمَّا حذفوا حرَف الجر عَمِلَ الفعلُ. ومثل ذلك قول المتلمَّس:
آلْيتَ حَبَّ العِرَاقِ الدَّهْرَ أَطعمُهُ ... والحبُّ يأكله في القرية السوس
يريد: على حَبَّ العراق.
وكما تقول: نُبَّئتُ زيدًا يقول ذاك، أي عن زيد. وليست عن وعلى ههنا بمنزلة الباء في قوله: " كفى بالله شهيدا "، وليس بزيد؛ لأنَّ عن وعلى لا يفعَلُ بها ذاك، ولا بمنْ في الواجب.
وليست أستغفِرُ الله ذنبًا وأمرتك الخيَر أكثرَ في كلامهم جميعًا، وإنَّما يَتكلّم بها بعضهم. فأمَّا سمَّيتُ وكنّيت فإنما دخلتْها الباءُ على حدّ ما دخلتْ في عرّفتُ، تقول عرّفتُه زيدًا ثم تقول عرّفته بزيد، فهو سوى ذلك المعنى، فإنما تَدخل في سمَّيت وكنَّيت على حدّ ما دخلتْ في عرّفُته بزيد. فهذه
1 / 38