واعلم أنّ التثنية إذا لحقت الأفعال المضارعة علامةً للفاعلين لحقتها ألف ونون، ولم تكن الألف حرفَ الإعراب لأنك لم ترد أن تثنِّى يَفْعَلُ هذا البناءَ فتَضمَّ إليه يفعل آخَرَ، ولكنك إنما ألحقته هذا علامة للفاعلين، ولم تكن منونة، ولا يَلزمها الحركةُ لأنّه يدُرِكُها الجزمُ والسكونُ فتكون الأولى حرف الإعراب، والثانية كالتنوين، فكلما كانت حالها في الواحد غير حال الاسم وفي التثنية لم تكن بمنزلته، فجعلوا إعرابه في الرَّفع ثباتَ النون لتكون له في التثنية علامةً للرَّفع كما كان في الواحد إذْ مُنع حرفَ الإعراب.
وجعلوا النون مكسورةً كحالها في الاسم، ولم يجعلوها حرف الإعراب إذْ كانت متحَرّكة لا تثُبتُ في الجزم ولم يكونوا ليحذفوا الألفَ لأنّها علامةُ الإضمار والتثنية في قول من قال: أكلوني البراغيثُ، وبمنزلة التاء في قلتُ وقالتْ، فأثبتوها في الرفع وحذفوها في الجزم كما حذفوا الحركة في الواحد.
ووافَق النصبُ الجزمَ في الحذف كما وافَق النصبُ الجرَّ في الأسماء؛ لأن الجزم في الأفعال نظير الجر في الأسماء، والأسماء ليس لها في الجزم نصيبٌ كما أنه ليس للفعل في الجر نصيب. وذلك قولك: هما يَفعَلاَنِ، ولم يَفعَلاَ، ولن يَفعَلاَ.
وكذلك إذا لحقت الأفعالَ علامةُ للجمع لحقتها زائدتان، إلا أنّ الأولى واو مضموم ما قبلها لئلا يكون الجمع كالتثنية، ونونُها مفتوحة بمنزلتها في الأسماء كما فعلتَ ذلك في التثنية، لأنّهما وقعتا في التثنية والجمع ههنا كما أنّهما في الأسماء كذلك، وهو قولك: هم يَفْعَلُونَ ولم يَفعلوا ولن يفعلوا.
1 / 19