وقطع الفلك في دورته عشر سنوات حتى تفرى الليل عن صبح لم يشهده «الكونت»،
54
فترك لامرأته ما جمع، وترك فيها ذلك الموت الحي، وتركها في تلك الحياة شجرة مرداء،
55
غير أن اللذات لم تبق عليها بعده، فقد لا تقتل الآلام إذا أسرفت على النفس، ولكن اللذات لا بد قاتلة، وكأن الطبيعة فرضت على الإنسان أن لا يلذ بالعيش إلا حيث تكون لذته اختلاسا، فإنما ركب على أن يشده ما يؤلمه، ويبني منه ما يحسب أنه يهدمه؛ فإن هو حمل نفسه على لذتها، وأطلق لها ما بين هواه ورأيه، فقد أراد لبنيته الضعيفة وضعا ليس في هندسة الحياة، فلا تترك فيه اللذات إلا أمراضا، ولا تحمل منه الأرض إلا أنقاضا! ولو لم تكن هذه اللذة المسرفة سببا إلى الموت، لما ركب في غريزة الإنسان كره الموت من حب الاستمتاع بها، والحياة في «عمليتها الجراحية» المؤلمة لا تحز إلا بأسلحة الآلام الحادة واللذات الحادة!
وبيع ذلك القصر وما ضمه، وكان فيما يحويه بعض رفوف من الكتب يباهي الأغنياء بتنسيقها، ليظهر من ألوان جلودها رسم ليس في الحائط، فاشتراها أديب تأدى إليه خبر الكونت وامرأته، فإنه ليقرأ منها ذات يوم في كتاب يصف البأساء والضراء من هموم الحياة، إذ ندرت ورقة كانت بين صحفه، فالتقطها فإذا فيها روحان تعتلجان
56
بين هذين السطرين:
الفقر خلو من المال، ولكن أقبح الفقر الخلو من العافية.
فيكتور
Page inconnue