وحق الحياة ككل الحقوق يستلزم واجبين: واجبا على ذي الحق وهو أن يحفظ حياته ، ويقضيها في أحسن الوجوه التي تنفع نفسه والناس، فالمنتحر مضيع لحقه في الحياة، مخل بالواجب عليه، كذلك واجب على الناس أن يحترموا هذا الحق للفرد فلا يتعدوا عليه - وإذا كان هذا الحق أقدس الحقوق كان من تعدى عليه بقتل أو نحوه مستوجبا أشد العقوبات، وربما كان من الحق أن نسلبه أيضا حقه في الحياة. (2-2) حق الحرية
كلمة الحرية من الكلمات الغامضة التي تستعمل في معان مختلفة، ولذلك نبدأ بتحديدها.
الحرية المطلقة هي «أن يريد الإنسان ويعمل ما يريد من غير أن يكون لأي شيء آخر سلطان على إرادته أو عمله» وهى بهذا المعنى لا تكون إلا لله، فليس ثمة من لا تتأثر إرادته بأي مؤثر خارجي وعنده من القوة ما ينفذ به ما يريد إلا هو، وإذ كنا إنما نبحث عن حرية الإنسان لم يكن هذا المعنى المطلق بصالح.
إنما يصلح للناس حرية مقيدة، وقد جاء تعريفها في «إعلان حقوق الإنسان» الصادر في فرنسا سنة 1789م بأنها «القدرة على عمل كل شيء لا يضر بالغير» وقريب منه ما قاله «هربرت سبنسر»: «كل إنسان حر أن يفعل ما يريد، بشرط ألا يتعدى على ما لغيره من مثل حريته» ومعنى قوله: إن الناس كلهم متساوون في حق الحرية، ولكل إنسان الحق أن يعمل ما يريد ما لم ينقص ذلك من حرية الآخرين.
وعرفها بعض الأخلاقيين «بأن يكون للإنسان الحق في ترقية نفسه بما يشاء من غير أن يتدخل أحد شؤونه، إلا إذا وجدت ضرورة تدعو إلى ذلك، أو كان التدخل لترقية من يتدخل في شؤونه، كما في الحجر على السفيه» وعلى الجملة إن هذا الحق يتطلب أن يعامل كل فرد معاملة إنسان لا معاملة متاع، ومن أجل هذا حرم الرق والإستبداد والتسخير ونحوها مما يعامل فيه الإنسان كأنه متاع يستخدم لغاية آخر.
ولفهم الحرية فهما صحيحا يجب أن نذكر أنواعها، ثم نبين كل نوع على حدته، فأهم ما نستعمل فيه الحرية ما يأتي: (1)
الحرية التي هي ضد الإسترقاق، فيقال حر ورقيق. (2)
حرية الأمم، ويعنون بها الإستقلال وعدم الخضوع لحكم الأجنبي. (3)
الحرية المدنية، وهي أن يكون الشخص آمنا من التعدي عليه وعلى ملكه ظلما، وهذه الحرية تشمل حرية الرأي وحرية الخطابة وحرية التصرف في الملك الخ. (4)
الحرية السياسية وهي أن يكون للإنسان الحق في أن يأخذ نصيبا في حكومة بلاده بالتصويت في الإنتخابات ونحو ذلك.
Page inconnue