163

قصود لصاحب ذلك الكلام فليتأمل ويحرر والله تعالى أعلم وقال في الباب التاسع عشر وأربعمائة في قوله : "من رأني في المنام فقد رآني حقا فإن الشيطان لا يتمثل بي" : اعلم أن من التوفيقات الالهية المبشرات وهي الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له، قال: وله العمل بما فيها من الحكم في حق نفسه فقط بشرط أن يرى رسول الله اعلى الصورة المجسدة التي كان عليها في دار الدنيا كما نقل إليه من الوج الذي صح عنده حتى أنه يرى رسول الله مكسور الثنية العليا فإن لم يره بهذه العلامة فما هو ذاك وإن تحقق أنه رأى رسول الله في رؤيا لكن ارا اشخصا أو شابا مغايرا للصورة التي كان عليها في الدنيا، ومات عليها أو راه في حسن أزيد مما وصف له أو في أقبح صورة أو وقع منه سوء آدب مع سول الله ، فذلك راجع إلى الرائي، لا إليه ، فلا يجوز له الحكم ابصحة ما رآه ولا يجوز له العمل بما أخبره به لا سيما إن خالف نصا صريحا في الشريعة أو اقتضى نسخ حكم ثابت ونحو ذلك. قال: وقد رأيناه على الصورة التي كان عليها وسألناه عن عدة أحاديث قيل بضعفها فأخبرنا بصحتها فعلمنا بها، وقد ذكر الإمام مسلم في صدر كتابه عن شخص أنه رأى سول الله في المنام فعرض عليه ألف حديث كان في ذهنه أنها صحيحة لفأبت له من الألف ستة أحاديث وأنكر ما بقي، فعلم أن من اراه في المنام فقد رآه في اليقظة ما لم تتغير عليه الصورة فإن الشيطان لا وتمثل على صورته أصلا، فهو معصوم الصورة حيا وميتأ فمن رآه فقد رآه في أي صورة لكن منها ما هو أوضح. وقد تقدم الكلام على الرؤيا في الباب الثامن والثمانين ومائة فراجعه.

قلت: وكان شيخنا سيدي محمد المغربي الشاذلي رحمه الله يقول في ؤية النبي يقظة كما يقول به بعضهم : المراد باليقظة هنا يقظة القلب لا ايقظة الحواس الجسمانية وذلك لأن من بالغ في كمال الاستعداد والتقرب اصار محبوبا للحق وإذا أحبه كان نومه من كثرة اليقظة القلبية كحالة اليقظة الغيره قال : وحينئذ فما رآه إلا بروحه المتشكلة بشكل الأشباح من غير انتقال ذاته الشريفة ومجيئها من البرزخ إلى مكان هذا الرائي لكرامتها وتنزيهها

Page inconnue