انتفض الأستاذ عبد العزيز قائما مرتعشا وهو يقول: قيام.
تخلجت في فمه حتى ما كادت تبين.
وشذره المفتش بنظرة لاهبة وهو يقول: امض في الدرس يا أستاذ.
وراح الأستاذ عبد العزيز يسأل التلاميذ، وراحوا يجيبون، وانتهت الحصة. وخرج المفتش ولحق به عبد العزيز ناسيا القلم؛ فقد كان حريصا ألا توضع نقطة سوداء في التقارير التي تكتب عنه حرصا مضاعفا؛ فإن كل أمله أن ينقل إلى القاهرة حتى يتم زواجه من ابنة عمه، وجنات، التي مضى على خطبتها له سنتان، وتم إعداد شقتها. وأصبح لا ينقصه إلا أن ينقل إلى القاهرة حتى تمضي العروس فترة الزواج الأولى مع أمها وأبيها. هكذا تصمم أمها الست ألطاف.
فما له إذن لا ينسى القلم ويسارع إلى سعادة المفتش يسترضيه ويستجديه، ويبدي له ما يعن له من أعذار؟
خرج التلاميذ من الفصل؛ فقد حلت الفسحة الأولى، وتصادف أن نادى وليد عبد الموجود زميله جرجس حنين: يا جرجس، ألا تخرج؟ - لا ، سأكمل الواجب للحصة القادمة. - تضيع عليك الفسحة. - بقي لي سطران، أكتبهما وألحق بك فورا.
وخرج الجميع، وقد علموا أن جرجس باق في الفصل. وأوشكت الفسحة على الانتهاء، وتذكر منصور أنه لم يقرأ الواجب بعد كتابته، فسارع إلى الفصل يقرأ قبل أن تبدأ الحصة.
والفصول في المدرسة مبنية على الطراز القديم للمدارس؛ فهي ذات نوافذ تطل على شرفة طويلة. ويستطيع الواقف في الشرفة أن يرى داخل الفصول، ويرى فناء المدرسة أيضا.
فحين أصبح منصور أمام نافذة فصله الأولى رأى وجدي حسنين يأخذ قلم الأستاذ عبد العزيز ويخرج به مسرعا، وقبل أن يصل منصور إلى النافذة الثانية للفصل كان وجدي قد أولاه ظهره دون أن يراه.
وذهل منصور، لا يدري ماذا يفعل، أيفضح صديقه؟ أيسكت عن سرقة رآها بعينيه؟!
Page inconnue