La Superstition: Une Très Courte Introduction
الخرافة: مقدمة قصيرة جدا
Genres
الفصل الرابع
الأسطورة والطقوس
يشيع أن الأسطورة مؤلفة من كلمات، وعادة ما تكون في صورة قصة، فتقرأ الأسطورة أو تسمع، وبذلك تعبر عن شيء ما. غير أن هناك منهجا لتناول الأسطورة يعتبر هذه النظرة للأسطورة مصطنعة. فبحسب نظرية الأسطورة والطقوس، أو النظرية الطقوسية للأسطورة، لا تقوم الأسطورة بذاتها بل ترتبط بالطقوس. ولا تعتبر الأسطورة مجرد تعبير لكنها فعل. ويذهب أكثر أشكال هذه النظرية تشددا إلى أن جميع الأساطير تصاحبها طقوس، وأن جميع الطقوس تصاحبها أساطير. وفي نسخ أخرى من النظرية أقل جموحا، قد تزدهر بعض الأساطير في ظل عدم وجود طقوس، أو تزدهر بعض الطقوس في ظل عدم وجود أساطير. وربما يتزامن عمل الأساطير والطقوس معا في الأصل، ثم يتفرقا لاحقا كل في طريقه، وربما تنشأ الأساطير والطقوس منفصلة ثم تتلاحم لاحقا. وأيا ما كانت الصلة بين الأسطورة والطقوس، تختلف النظرية الطقوسية للأساطير عن النظريات الأخرى للأساطير، وعن النظريات الأخرى للطقوس، في التركيز على الصلة بين الأسطورة والطقوس.
ويليام روبرتسون سميث
كان ويليام روبرتسون سميث (1846-1894) - دارس الكتاب المقدس والمستعرب الاسكتلندي - هو رائد النظرية الطقوسية للأسطورة. وفي كتابه «محاضرات حول دين الساميين»، يرى سميث أن الإيمان بينما يعد مسألة مركزية في الدين «الحديث»، فإنه لا يعتبر كذلك في الدين «القديم»، الذي كانت الطقوس فيه هي التي تحتل المكانة المركزية. ويسلم سميث جدلا بأن القدماء مارسوا الطقوس بلا شك لسبب ما. ولكن هذا السبب كان ثانويا، بل كان يمكن أن يتغير. وبدلا من الإعلان الرسمي عن اعتقاد أو عقيدة لذلك، كان السبب هو قصة أو «أسطورة» تصف ببساطة «الظروف التي تأصل في ظلها الطقس للمرة الأولى من خلال الأمر الإلهي أو المثل المباشر الذي يضربه الإله.»
كانت الأسطورة في حد ذاتها «ثانوية»؛ وبينما كانت الطقوس إجبارية، كانت الأسطورة اختيارية. وفيما كانت الطقوس محددة، كان يمكن أن تفي أية أسطورة بالغرض. حتى إن الأسطورة لم تنشأ إلا عندما كان السبب الأصلي غير الخرافي الممنوح للطقوس قد ذهب نوعا ما في طي النسيان:
إن الأسطورة لهي مجرد تفسير لأحد الاستخدامات الدينية، ولا يبرز هذا التفسير عادة إلا عندما يكون المدلول الأصلي للاستخدام قد طواه النسيان بصورة أو بأخرى. (سميث، «محاضرات حول دين الساميين»، ص19)
وبينما كان سميث أول من قال بأن الأساطير يجب فهمها في مقابل الطقوس، فإن العلاقة بينهما لا تتطلب بأية حال من الأحوال أن تتساوى الأساطير والطقوس في الأهمية. ويرى سميث أنه لا توجد أسطورة إطلاقا دون طقوس، وسواء أكانت هناك أسطورة أم لا، لذهبت الطقوس طي النسيان.
ولأن أدونيس كان إلها ساميا، يذكره سميث في كتابه «محاضرات حول دين الساميين». وفي إطار طرحه الإجمالي بأن الدين القديم لم يوجد فيه أي إحساس بالخطيئة، بحيث لم تكن التضحية - وهي الطقس الرئيس - تكفر الخطيئة؛ يضع سميث على طرفي نقيض كلا من التفسير الخرافي اللاأخلاقي «للعويل والتأسي» الطقوسي على أدونيس المتوفى من ناحية، و«الفكرة المسيحية اللاحقة القائلة بأن موت الإله-الإنسان يمثل موتا لخطايا الناس» من ناحية أخرى:
إذا جرت محاولة لتفسير الطقوس السنوية، مثلما حدث في أسطورة أدونيس، بدلا من التفسير الذي تقدمه القصة، والذي يتمثل في أن الإله قتل ثم بعث مجددا، فإن التفسير المقدم في القصة ينبثق عن التحلل المادي وتجدد الطبيعة. وقد كان المتعبدون ينظرون إلى أدونيس الكنعاني أو تموز ... باعتباره مصدر جميع صور النماء والخصوبة الطبيعية؛ بناء عليه، كان موت أدونيس يعني التعليق المؤقت لحياة الطبيعة ... وكان المتعبدون يرثون موت حياة الطبيعة لشعورهم بالتعاطف الفطري، دون أي وازع أخلاقي، تماما مثلما يشعر الرجل الحداثي بحزن دفين عند سقوط أوراق الخريف. (سميث، «محاضرات حول دين الساميين»، ص392)
Page inconnue