يعني المدينة أو بمكة فقال ههنا وكيف لا أختار المدينة وما بها طريق إلا سلك عليها رسول الله ﷺ وجبريل ﵇ ينزل من عند رب العالمين في أقل من ساعة وقد ثبت بالأحاديث الآتية تفضيل الموت بالمدينة فيثبت تفضيل سكناها لأنه طريقه
وروى الطبراني وغيره حديث المدينة خير من مكة وفي رواية للجنيدي أفضل من مكة وفيه محمد بن عبد الرحمن الرداد ذكره أبن حيان في الثقات وقال كان يخطئ وقال أبو زرعة لين وقال أبن عدي روايته ليست محفوظة وقال أبن حاتم ليس بقوي ومن تأمّل ما سلف مع ما سيأتي في فضائلها وخصائصها استغنى عنه وأنشرح صدرا بتفضيلها وفي الصحيحين أمرت بقرية تأكل القرى يقولون يثرب وهي المدينة تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديد أي أمرني الله بالهجرة إليها إن كان قاله بمكة أو بسكناها إن كان قاله بالمدينة وقال القاضي عبد الوهاب لا معنى لقوله تأكل القرى الأرجح فضلها عليها وزيادتها على غيرها وقال أبن المنير يحتمل أن يكون المراد بذلك غلبة فضلها على فضل غيرها أي أن الفضائل تضمحل في جنب عظيم فضلها حتى تكون عدما وهذا أبلغ من تسمية مكة أم القرى لأنّ الأمومة لا ينمحي معها ما هي له أمّ لكن يكون لها حق الأمومة قلت وجعله احتمالا لأنه كنى بالأكل عن الغلبة لأنّ الآكل غالب على المأكول فيحتمل أن يكون المراد غلبتها في الفضل أو غلبة أهلها على القرى قلت والأقرب حمله عليها إذ هو أبلغ في الغرض المسوق له ذلك وفي صحيح مسلم حديث يأتي على الناس زمان يدعو الرجل أبن عمه وقريبه هلم إلى الرخاء والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون والذي نفسي بيده لا يخرج أحد رغبة عنها إلا أخلف الله فيها خيرا منه وفيه إشعار بذم الخروج منها مطلقا وهو عامّ أبدا كما نقله المحب الطبري عن قوم وقال إنه ظاهر اللفظ وفي حديث الصحيحين إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها أي تنقبض وتنضم وتلجأ مع أنها أصل انتشاره فكل مؤمن من نفسه شائق إليها في جميع الأزمان لحبه في ساكنها ﷺ وللجنيدي حديث يوشك الإيمان أن يأرز إلى المدينة أي يرجع إليها أخيرا كما أبتدأ منها ولذا روى لا تقوم الساعة حتى يحاز الإيمان إلى المدينة كما يجوز السيل الدمن وفي رواية ستأتي في الفصل التاسع ليعودنَ هذا الأمر إلى المدينة كما بدئ منها حتى لا يكون إيمان إلا بها ولأبى يعلى عن العباس رضى الله عنه قال خرجت مع رسول الله ﷺ من المدينة فالتفت إليها وقال إنّ الله برأ هذه الجزيرة من الشرك في رواية إنّ الله قد طهر هذه القرية من الشرك إن لم تضلهم النجوموى الطبراني وغيره حديث المدينة خير من مكة وفي رواية للجنيدي أفضل من مكة وفيه محمد بن عبد الرحمن الرداد ذكره أبن حيان في الثقات وقال كان يخطئ وقال أبو زرعة لين وقال أبن عدي روايته ليست محفوظة وقال أبن حاتم ليس بقوي
1 / 78