Abrégé de l'histoire de la Grèce et de Rome
خلاصة تاريخ اليونان والرومان
Genres
مآتم الرومانيين
إن المآتم عند الرومانيين مما تلذ مطالعته، وإحراق الموتى وإن يكن عادة يونانية قديمة فإن الرومانيين لم يستعملوها إلا في أيام الجمهورية الأخيرة، ثم عم استعمالها وما زال حتى دخلت الديانة المسيحية فأخذت بالتناقص حتى اضمحلت.
ولم يكن الرومانيون يتخذون خدمة أو ممرضين للقيام على خدمة مرضاهم، ولكن أهل المريض وأصدقاءه هم كانوا يعتنون به إلى آخر ساعة من حياته، وعند ذلك يودعونه الوداع الأخير.
وإذا مات لهم صديق حملوا إليه الأطياب وألبسوه أحسن اللباس، ثم وضعوه في مركبة تغشاها الزهور وظللوا باب البيت الخارجي بأغصان السرو، وكان في اعتقادهم أن شارون لا ينجي روح فقيدهم من الستبكس بدون أن يدفعوا عنه جعلا معلوما، فكانوا يجعلون في فم الميت قطعة من النقود بمنزلة الجعل المطلوب، وكان الرومانيون يحتفلون بالجناز على نور المشاعل فيحمل الجثة أصدقاء الفقيد وأقاربه على تابوت مغطى بثياب ثمينة، ويسير في الاحتفال الجلادون بثياب سوداء حفظا للنظام، وإذا كان الفقيد جنديا جعلوا علامات رتبته ظاهرة للعيان وسيروا أمامه الفرقة التي هو تابع لها منكسة السلاح، وكانوا يحملون أمام التابوت صور الفقيد وآبائه تتبعها الموسيقى والنادبات المأجورات للندب، والرقاصون والمهرجون وبينهم رجل بلباس الميت يمثل حركاته بحياته.
أما عائلة الفقيد فيتبعون التابوت وهم يندبون فقيدهم والذكور رءوسهم مغطاة، والبنات رءوسهن مكشوفة وشعورهن محلولة، ويحضر الاحتفال أيضا القضاة والأعيان مجردين من علامات الزينة، وفي ختام الكل يسير العبيد الذين تحرروا بموت ذلك الرجل وعلى رءوسهم طاقيات يقال لها: طاقيات الحرية، فإذا كان الفقيد من أصحاب المراتب العليا يمتاز احتفاله بخطاب يتلوه أحد أصدقائه عند الجثة، وكانوا يتلون ذلك الخطاب في الكبيتول، ثم في أيام الجمهورية الأخيرة عمومها، أما الدفن قلما أن يضعوا الجثة بغير تابوت أو أن يجعلوها في نوع من اللحود يدعونها سركوفاغس، وهي مصنوعة نقرا في الحجارة.
فإذا تم الاحتفال غطوا القبر بالزهور وتقدم الناس بوداع أهل الميت فينضح الكهنة الحضور بالماء، ثم ينصرفون، ولما أدخلوا حرق الموتى في عوائدهم صاروا يضعون التابوت على كومة من الخشب على شكل المذبح، ثم يتقدم أحد أقارب الفقيد وبيده مشعال يحرق به تلك الكومة، فإذا اتقدت ألقوا فيها أنواع الأطياب والعطريات، فلما تخمد النيران وتتحول إلى رماد يسكبون على الرماد خمرا، ثم يجمعونه في قارورة ثمينة يجعلونها في قبر العائلة، وإذا كان الفقيد جنديا دفنوا معه سلاحه والأسلاب التي كان قد ربحها في حروبه.
ومن قبائح اعتقاد الوثنيين أن الأرواح تسر بالدم، فكانوا يذبحون عند قبر الميت الحيوانات التي اقتناها في حياته، وكان الناس في الأزمنة الخالية الهمجية يذبحون عوضا من هذه الحيوانات أناسا ومنهم العبيد أو أسرى الحرب، وأحيانا كانوا يذبحون بعض الأصدقاء إذا قدموا أنفسهم حبا بالفقيد.
ولم يكونوا يبيحون دفن الموتى داخل سور المدينة إلا للعذارى المتنسكات القائمات على العبادة، وبعض العائلات الشريفة، أما قبور رجال الجند فكانت غالبا في حقول يقال لها حقول المريخ، وقبور أهل المدينة في بساتين القرى أو على جوانب الطرق، ولا يزال بعض تلك القبور باقيا إلى الآن، وكانوا ينقشون على قبور الأغنياء والعظماء ألقابهم وبعض أعمالهم، أما قبور الفقراء فكانت في غاية البساطة ليس عليها سوى بعض الآيات الحكمية.
رومية تحت سلطة الباباوات
فبعد أن ذكرنا شيئا عن أخلاق الرومانيين وعوائدهم نتقدم إلى إتمام تاريخهم، فالبابا لقب كان يعطى للأساقفة في الأزمنة الأولى للتاريخ المسيحي، وكان بابا رومية في بادئ الأمر كسائر كبار خدمة الكنيسة، ثم أصبح بعد ذلك رئيسا لها ونال سلطة أرفع من سلطة الملوك والإمبراطرة.
Page inconnue