Khulasat Athar
خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر
Maison d'édition
دار صادر
Lieu d'édition
بيروت
وَلَده عبد الله وَتُوفِّي فَتَوَلّى الْملك بعده وَلَده مُحَمَّد أَخُو مولَايَ أَحْمد صَاحب التَّرْجَمَة وَكَانَ أكبر إخْوَته وَلما جلس على سَرِير السلطنة أظهر مولَايَ أَحْمد الْمَنْصُور أَنه غير طَالب للْملك وَأَنه لَا ينْفق رَأس مَال عمره فِي غير مَا للْعلم من كنوز ومطالب فَلَمَّا مَاتَ أَخُوهُ قَامَ وَلَده فِي مَحَله وَاسْتولى عَلَيْهِ الْغرُور واشار عَلَيْهِ بعض خدمته بقتل من بَقِي من أَعْمَامه فَلَمَّا علم بذلك مولَايَ أَحْمد وجف بِجَيْش من الرّوم وَمَعَهُ أَخُوهُ وجيش من عِنْده وقاتله فتمت على ابْن أَخِيه الْهَزِيمَة وَذهب إِلَى ملك الفرنج فأمده وَرجع إِلَى الْحَرْب ثَانِيًا فتقاتلا وَلما تمت عَلَيْهِ الكسرة ثَانِيًا أسْرع إِلَى الْبَحْر وَأغْرقَ نَفسه فتبرجت لمولاي أَحْمد عروس تِلْكَ الممالك وَثبتت قَوَاعِده وَارْتَفَعت معاهده وَكَانَ موادعًا لسلاطين آل عُثْمَان فَيُرْسل إِلَيْهِم بالهدايا فِي كل سنة وَكَانُوا هم يرسلون إِلَيْهِ بالمكاتيب وَالْخلْع السّنيَّة حَتَّى أَن السُّلْطَان مُرَاد ابْن سليم خَان كتب إِلَيْهِ فِي أثْنَاء مكاتيبه لَك عَليّ الْعَهْد أَن لَا أمد يَدي إِلَيْك إِلَّا للمصافحة وَأَن خاطري لَا يَنْوِي لَك إِلَّا الْخَيْر والمسامحة وَرُسُله دَائِما تَأتي إِلَى قسطنطينية من جَانب الْبَحْر ويمكثون زَمَانا طَويلا ويتعهدون الوزراء ويكاتبون من لَهُ قرب إِلَى الدولة وَلم يحصل لأحد من أَوْلَاد مُحَمَّد الشَّيْخ مَا حصل لهَذَا الْمَنْصُور فَإِنَّهُ قد طَالَتْ فِي الْملك مدَّته واتسعت مَمْلَكَته وقويت شوكته وَكَانَ ابْتِدَاء ملكه من حُدُود إفريقيه إِلَى حافة النَّهر الْمُحِيط وَملك حِصَّة من بِلَاد السودَان وَكَانَ ابْتِدَاء تملكه فِي آخر سنة خمس وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة وَاسْتمرّ سُلْطَانا ثَمَانِيَة وَعشْرين سنة وَكَانَ لَهُ أَوْلَاد قد فرقهم فِي الْبِلَاد فَجعل الْأَكْبَر وَهُوَ مولَايَ مُحَمَّد الشَّيْخ فِي فاس وَجعل زَيْدَانَ فِي مكناس وَكَانَ هُوَ بِنَفسِهِ يقوم فِي مراكش وَكَانَ سُلْطَانا عادلًا عَظِيم الْقدر حسن التَّدْبِير أديبًا لَهُ شعر نضير عَلَيْهِ رونق السلطنة أنْشد لَهُ الخفاجي فِي كِتَابه قَوْله
(حرَام على طرف يرَاهُ مَنَام ... وَإِنِّي لجسم قد شفَاه سقام)
(وَكَيف بقلب فِي هَوَاهُ مُقَلِّب ... وَأَيْنَ لَهُ بَين الضلوع مقَام)
(فيا شادنًا يرْعَى الحشا أَنْت بالحشا ... أما لمحل أَنْت فِيهِ ذمام)
وَالْبَيْت الْأَخير مِمَّا تداولت بِمَعْنَاهُ الشُّعَرَاء وأجود مَا قيل فِيهِ قَول الأرجاني
(يَرْمِي فُؤَادِي وَهُوَ فِي سودائه ... أتراه لَا يخْشَى على حوبائه)
(وَمن البلية وَهُوَ يَرْمِي نَفسه ... أَن تطمع العشاق فِي إبقائه)
وَقَول مهيار
1 / 223