Khulasat Athar
خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر
Maison d'édition
دار صادر
Lieu d'édition
بيروت
فَنَقُول وَأما شعره الْعَرَبِيّ فقليل وَقد أورد لَهُ وَالِدي رَحمَه الله تَعَالَى فِي تَرْجَمَة قطعتين استحسنت إِحْدَاهمَا فأوردتها وَهِي هَذِه
(سقت الرياض دموع عَيْني الْجَارِيَة ... فبدت تراجعها عُيُون باكيه)
(وسرت لأغصان الْوُرُود فَأَصْبَحت ... أكمامها مِنْهَا قلوبًا داميه)
(دمعي تبدل بالشرار وَكَيف لَا ... وجحيم قلبِي فِيهِ نَار حاميه)
(مَاذَا عَليّ من الْجَحِيم وَلم تزل ... نَار الْمحبَّة فِي وجودي بَاقِيَة)
(يَا سادة لما بدا سلطانهم ... ملك الْقُلُوب من الْأَنَام كَمَا هيه)
(تلوي غصون قد ودهم أَيدي الصِّبَا ... وَقُلُوبهمْ مثل الْحِجَارَة قاسيه)
(لم يبْق لي ثمن يُقَاوم وصلكم ... إِلَّا الْمحبَّة والمحبة غَالِيَة)
(الْجِسْم ذاب من الجفا وَالْقلب رهن ... عنْدكُمْ وَالروح مني عَارِية)
(منوا على بنظرة فوحقها ... قسما بِمن يحيى النُّفُوس الفانية)
(لَو مر بِي مَيتا نسيم دِيَاركُمْ ... سرت الْحَيَاة إِلَى عِظَامِي البالية)
وَذكر مبدأ أمره أَنه ولد بِدِمَشْق وَقَرَأَ وبرع واشتهر وَأشهر من أَخذ عَنهُ الشّرف الدِّمَشْقِي وبرز بروزا غَرِيبا فَجَلَسَ لإلقاء الدُّرُوس وَهُوَ حدث السن جَدِيد العذار فَاجْتمع فِي حَلقَة درسة جمَاعَة من الأكراد والأعاجم ونبل قدره وَعلا صيته وَولى تدريس الْمدرسَة السليمية بصالحية دمشق وَكَانَت بيد الْعَلامَة عبد الرَّحْمَن بن عماد الدّين الْعِمَادِيّ وَبعد مُدَّة أُعِيدَت إِلَى الْعِمَادِيّ فسافر المنطقي إِلَى حلب وَذَلِكَ فِي سنة خمس وَعشْرين وَألف وَاجْتمعَ ثمَّة بالوزير مُحَمَّد باشا السردار الْمعِين من جَانب السُّلْطَان أَحْمد إِلَى مقاتله شاه الْعَجم عَبَّاس خَان فحظى عِنْده بإقبال كثير وَقرر لَهُ الْمدرسَة وَعَاد إِلَى دمشق بمهابة عَظِيمَة وَأقَام بهَا مُدَّة ثمَّ سَافر ثَانِيًا إِلَى حلب صُحْبَة مَحْمُود الرُّومِي الدفتري بِدِمَشْق فَاجْتمع بقاضيها الأديب المنشئ الْمَشْهُور عبد الْكَرِيم ابْن سِنَان فَأحْسن إِلَيْهِ كل الْإِحْسَان وَلما عزل من قَضَاء حلب صُحْبَة إِلَى الرّوم وَكَانَ ذَلِك فِي حُدُود سنة ثَمَان وَعشْرين وَألف فَدخل إِلَى دَار السلطنة وَأقَام بهَا فَرغب كثر من كبرائها فِي معاشرته لحسن محاضرته وأدبه وحظي عِنْدهم ولازم ودرس بعد مُدَّة بعدة مدارس وَجمع مَالا كثيرا وجاها عريضا وترقى فِي الشُّهْرَة حَتَّى وصل خبر للسُّلْطَان مُرَاد فاتخذه نديم مَجْلِسه وَكَانَ يجْتَمع هُوَ ونفعي الشَّاعِر الْمَشْهُور أحد الندماء فِي الْمجْلس السلطاني وَيجْرِي بَينهمَا مكالمات ومخاطبات
1 / 198