ثم قال القاضي بدر الدين ابن جماعة (١): وفي كل هذه التعريفات نظر.
أما الأول والثاني؛ فلأن الصحيح كله أو أكثره كذلك، فيدخل الصحيح في حدِّ الحسن، ويَرِد على الأول الفرد من الحسن؛ فإنه لم يرو من وجه آخر، ويَرِد على الثاني ضعيف، عُرف مخرجه واشتهر رجاله بالضَّعف.
وأما الثالث فيُتَوقف على معرفة الضَّعيف القريب المحتمل، وهو أمر مجهول وأيضا فيه دور؛ لأنه عُرِفَ بِصلاحِيَتِه للعمل به، وذلك يتوقف على معرفة كَوْنِه حسنًا.
وأما الأول من القسمين، فَيَرِد عليه الضَّعيف والمُنقطع والمُرسل الذي في رجاله مستور، وروي مثله أو نحوه من وجه آخر.
ويرد على الثاني، وهو أقربها: المرسل الذي اشتهر راويه بما ذكر؛ فإنه كذلك وليس بحسن في الاصطلاح.
وقال القاضي (٢): لو قيل الحسن هو كل حديث خالٍ عن العِلَلَ، في سنده المتصل مستور، له به شاهد أو مشهود، قاصر عن درجة الإتقان، لكان لِمَا حدُّوه أجمع وأقرب مما حاولوه وأخصر منه.
أقول: اعلم أن هذا المقَام مَقَامٌ صعبٌ مُرتَقَاه، وعقبة كَؤُود، ومن استعلَى ذِروتَها ثم انحدر منها، وقف على أكثر اصطلاحات هذا الفن، وعَثَر على جُلِّ أنواعه بإذن الله تعالى، ولا يمكن الوقوف على الحق إلا
_________
(١) المنهل الروي (ص ٣٦).
(٢) المنهل الروي (ص ٣٦).
1 / 40