جاء في العقد الفريد أن أول خطبة خطبها عثمان بن عفان أرتج عليه فقال: «أيها الناس إن أول مركب صعب وإن أعش تأتكم الخطب على وجهها، وسيجعل الله بعد العسر يسرا إن شاء الله.»
ولما قدم يزيد بن أبي سفيان الشام واليا عليها لأبي بكر خطب الناس فأرتج عليه؛ فعاد إلى الحمد لله، ثم أرتج عليه فعاد إلى الحمد لله ثم أرتج عليه، فقال: «يا أهل الشام على الله أن يجعل بعد العسر يسرا وبعد عي بيانا، وأنتم إلى إمام فاعل أحوج منكم إلى إمام قائل.»
وصعد ثابت بن قطنة منبر سجستان فقال: الحمد لله ثم أرتج عليه فنزل وهو يقول:
فإن لا أكن فيكم خطيبا فإنني
بسيفي إذا جد الوغى لخطيب
فقيل له لو قلتها فوق المنبر لكنت أخطب الناس.
وخطب معاوية بن أبي سفيان لما ولي فحصر: «فقال أيها الناس إني كنت أعددت مقالا أقوم به فيكم فحجبت عنه، فإن الله يحول بين المرء وقلبه، كما قال في كتابه، وأنتم إلى إمام عدل أحوج منكم إلى إمام خطيب، وإني آمركم بما أمر الله به ورسوله وأنهاكم عما نهاكم الله عنه ورسوله، وأستغفر الله لي ولكم.»
وصعد خالد بن عبد الله القسري المنبر فأرتج عليه فمكث مليا لا يتكلم، ثم تهيأ له الكلام فقال: «أما بعد، فإن هذا الكلام يجيء أحيانا ويعزب أحيانا، فيسبح عند مجيئه سيبه ويعز عند عزوبه طلبه، ولربما كوبر فأبى، وعولج فنأى، فالتأني لمجيئه خير من التعاطي لآبيه (أي لممتنعه) وتركه عند تنكره أفضل من طلبه عند تعذره، وقد يرتج على البليغ لسانه ويختلج من الجريء جنانه، وسأعود فأقول إن شاء الله.»
وصعد أبو العنبس منبرا من منابر الطائف فحمد الله وأثنى عليه قال: أما بعد. فأرتج عليه، فقال: أتدرون ما أريد أن أقول لكم؟ قالوا: لا. قال: فما ينفعني ما أريد أن أقول لكم. ثم نزل، فلما كان في الجمعة الثانية وصعد المنبر وقال: أما بعد. أرتج عليه، فقال: أتدرون ما أريد أن أقول لكم؟ قالوا: نعم. قال: فما حاجتكم إلى أن أقول لكم ما علمتم. فلما كانت الجمعة الثالثة قال: أما بعد. فأرتج عليه، قال: أتدرون ما أريد أن أقول لكم؟ قالوا: بعضنا يدري وبعضنا لا يدري. قال: فليخبر الذي يدري منكم من لا يدري ثم نزل.
وأتى رجل من بني هاشم اليمامة فلما صعد المنبر أرتج عليه فقال: حيا الله هذه الوجوه وجعلني فداها، قد أمرت طائفي بالليل أن لا يرى أحدا إلا أتاني به وإن كنت أنا هو، ثم نزل.
Page inconnue