36

Désaccord de la Nation dans le Culte et la Doctrine d'Ahl al-Sunnah wa'l-Jama'ah

خلاف الأمة في العبادات ومذهب أهل السنة والجماعة

Enquêteur

عثمان جمعة خيرية

Maison d'édition

دار الفاروق

Année de publication

1410 AH

Lieu d'édition

الطائف

النوع الخامس : هو شكُّ كثير من الناس، وطعنُهم في كثيرٍ مما أهل السنة والجماعة عليه متفقون، بل وفي بعض ما عليه أهل الإسلام، بل وبعض ما عليه سائر أهل الملل متفقون، وذلك من جهة نقلهم وروايتهم تارةً، ومن جهة تنازعهم ورأيهم أخرى.

● أما الأول : فقد عصم(١) الله الذكر الذي أنزله على رسوله وأمر أزواج نبيه بذكره، حيث يقول: ﴿وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ﴾. [الأحزاب، ٣٤].

وحفظه من أن يقع فيه من التحريف ما وقع فيما أنزل قبله(٢) كما عصم هذه الأمة أن تجتمع على ضلالة، فعصم حروف التنزيل أن يُغيَّر، وحفظ تأويله أن يضل

= ومن قال بما تقول به جماعة المسلمين فقد لزم جماعتهم، ومن خالف ما تقول به جماعة المسلمين فقد خالف جماعتهم التي أمر بلزومها، وإنما تكون الغفلة في الفرقة، فأما الجماعة فلا يمكن فيها كافة غفلة عن معنى كتاب الله ولا سنة ولا قياس إن شاء الله.

وراجع أيضاً: ((الإحكام في أصول الأحكام)) لابن حزم: (٤٩٥/١-٤٩٨).

(١) في الأصل: ((علم))، وما أثبته يتفق مع السياق أكثر.

(٢) من نعمة الله تعالى وإكرامه للبشرية كلها أن تكفل وتعهد بحفظ وحيه المنزّل على محمد ﷺ، فقال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ (سورة الحجر ٩)، ولذا فهو ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ (سورة فصلت ٤٢).

وقد هيأ الله تعالى الأسباب لحفظ هذا الكتاب، فكان كُتّاب الوحي يكتبونه بأمر النبي ﷺ، وكان الصحابة يحفظونه في صدورهم، وكانوا يعتمدون على ذاكرتهم وحفظهم فساعدهم ذلك على استظهاره، ونزل مفرقاً خلال ثلاثة وعشرين عاماً ولم ينزل دفعة واحدة، ولذلك سهل عليهم حفظه، ومكن الله تعالى لهذه الأمة التي حملت هذا الكتاب ونشرته في ربوع العالمين فبقي ظاهراً محفوظاً منقولاً بالسند المتواتر.

وهذه الأسباب كلها لم تتهيأ لكتاب آخر غير القرآن، فقد وكل الله تعالى حفظ الكتب السابقة لأهلها، فقال الله عز وجل عن التوراة والإنجيل: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ﴾ (سورة المائدة ٤٤).

وشتان ما بين حفظ الله وحفظ البشر!

انظر بالتفصيل: ((الموافقات)) للشاطبي: (٥٨/٢-٦١)، ((الإحكام في أصول الأحكام)) لابن حزم: (٤/٤٥٣-٤٥٤)، ((إظهار الحق) للشيخ رحمة الله العثماني ص(٢٠٧) وما بعدها. ((الثبات والشمول في الشريعة)) للدكتور عابد محمد السفياني ص(١١٦-١٢١).

36