Pensées de l'Imagination et Dictées de l'Émotion
خواطر الخيال وإملاء الوجدان
Genres
لم يحرم الله علينا السعي وراء المنافع والملذات، ولكن هناك غرض أرقى وهو الخير أو العدل أو الشرف.
خلق الإنسان من نفس وجسم، فالأولى عالية رفيعة، والثاني سافل منحط.
وللجسم عوامل محرضة على التدهور إلى مصاف العجماوات كالحواس والشهوات والإلهام، فإن لم تتغلب النفس على هذه العوامل كان الإنسان في عداد الأنعام وفقد كل معنى للشرف.
وقد عبر أفلاطون عن هذه الفكرة أحسن تعبير، إذ قال في «فيدر»: «نفس الإنسان أشبه بجوادين يجران عجلة حوذيها العقل؛ أحدهما من كرام الخيل والآخر نقيضه، وقد تجمعت فيه العيوب والنقائص؛ فترى الأول جميل المنظر متناسب الأعضاء مرتفع الرأس بعرنينه انحناء قليل، أبيض اللون أسود العينين، يحب المجد برزانة واعتدال، ويلبي نداء حوذيه وإشارته دون أن يضرب.
والثاني غليظ الأعضاء معوجها كبير الرأس، قصير العنق أفطس الأنف، أسود اللون أخضر العينين مشربهما بالحمرة، ولا يميل لغير الإعجاب والنفور والهياج، أذناه مغطيتان بشعر كثيف لا تسمعان نداء السائق، ولا يطيع هذا الصعب إلا إذا ألهبه السوط ووخزته الإبر.
وهذا الجواد الرديء هو صورة للجزء الأول من النفس؛ أي أصل الإحساس والرغبة والخوف والغضب الأعمى والحب الدنيء السافل الذي يجرؤ على كل شيء ويفسد كل من صادفه.
والجواد الآخر هو الشجاعة؛ أي أصل الغضب الشريف والعواطف النبيلة والحب الطاهر والحماسة.
وأما السائق فهو العقل، وهو القوة المميزة التي نعرف بها من الأشياء ما كان حقا خالصا دائما، وهو يصعد إلى الخالق نفسه؛ أي علة العلل.»
إن الإنسانية لأشبه بجمع عظيم من المجرمين، وكل من يلقي نظرة إلى ما يظهر منهم يهلع فؤاده ويتقهقر من الفزع، إذ كلما عرف الإنسان الإنسان كلما كبرت الهاوية في عينيه ولا يشاهد المرء إلا منظرا رهيبا حيثما ردد طرفه؛ لأن الإنسان أينما سار يترك أثره، ويا له من أثر مزعج مرعب.
انقاد الإنسان لأمارته بالسوء، واستبشع الحلال وهو هنيء، واستمرأ الحرام وهو غاص قاتل، واستحل الشرور إرضاء لرغائبه وشهواته حتى أصبح كالنمر يلهو بسفك الدماء فيفترس ولو كان بشما، وباع شرفه وقدره واعتباره فأصبح ممقوتا كالوحش الضاري.
Page inconnue