Pensées de l'Imagination et Dictées de l'Émotion
خواطر الخيال وإملاء الوجدان
Genres
لننظر في قطعة من هذه الصيغ دون أن نشتغل بالآثار الموسيقية التي يتسنى لنا استنباطها منها، وهي تدل على ما يتمنونه وينتظرونه للملك «أوناس» ومضمونها أنه لم يمت، إذ يقرأ منها هذه الجملة: أيها الملك أوناس! يد شخصك الثاني أمامك، يد شخصك الثاني خلفك، رجل شخصك الثاني أمامك، رجل شخصك الثاني خلفك ... إنك موجود، صولجانك «آب» بيدك، إنك تصدر أوامرك للأحياء، ومن تواروا في مساكنهم الخفية ... إنك تطهر بماء الكواكب الزلال ثم تنزل على حبال من حديد ... تحبذك الأرواح النورانية ... إلخ. ثم يمر ذكر عدة آلهة ويقول لكل منهم: إذا كان وجودك حقا ليس بوهم فكذلك وجود «أوناس» أمر حقيقي، إذا كان ابنك «هور» حيا «فأوناس» مثله ... إلخ. تفتح أبواب الأفق وتهشم مزاليجها، ها هو مقبل نحوك يا «نيت» قد أمك يا «نوازيريت» ... إلخ.
تجد من مميزات هذه العزائم أنها أشبه بدفاع للموت والفناء تلبسه روح بليغة من الشعر، ولكنها في الحقيقة مخالفة للشعر من بعض الوجوه؛ لأنها لم تعمل لتلفت إليها أحدا حتى الميت نفسه، إذ تخاطب بها بعض الأحيان الآلهة وهي مختفية طي حصن حصين، ولا قيمة لها إلا أنها ظاهرة يعتبر مفعولها غير خاضع لأي إرادة إنسانية، وهذا هو خاصية السحر.
وقد بين المسيو «ماسبيرو» أن هذه الكتابات مركبة من آيات، وكل جملة منها تشمل الأنواع الآتية: (1) دعاء. (2) صيغة تسد مسد عمل حقيقي. (3) تتمة لهذه الصيغة.
لم يقتصر الملك (أوناس) بعد موته على أن أصبح متمتعا بحياة جديدة بل صار إلها، ولذلك وجب أن يزود وتقدم له الهدايا، والكتابة تدل دلالة صريحة على كيفية تقديم الهدايا من فطير ولبن وزبد وجعة سوداء مصحوبة بالعزائم التي كانت تعمل معها، وكذلك العطور والبخور الذي يحرق عند الحاجة مع بيان الإشارات التي كانت تعمل وقتئذ.
وأهم ملاحظة تلفت النظر في غرفة الملك «أوناس» هي السطور المنقوشة فوق تابوته، وهي حاوية لصيغ سحرية تصلح لوقاية الميت من لدغ الثعابين التي تعترضه في رحلته إلى الإله «أوزيريس» حامي الموتى.
يعتقد قدماء المصريين أن الحياة الآخرة أشبه بالحياة الدنيا معمورة بنفس حيواناتها وهوامها، فيستعملون للموتى ذات الصيغ التي كانوا يستعملونها لوقاية أحيائهم من لدغ الثعابين وينقشونها فوق توابيتهم. (2-2) الأمراض عند العائشين على الفطرة
زار سائح في أوائل القرن التاسع عشر جزائر المحيط الأعظم فقال عنهم: «إنهم يعتقدون أن الموت هو الذي يحصل من إصابة تسبب الوفاة كموت الحروب.»
ليست الفكرة القائلة بأن الموت من قوانين الحياة معروفة عند القدماء؛ لأن الإنسان حسب عقيدتهم لو مزقته الضواري إربا إربا أو اخترقت جسمه السهام فلا يكون ذلك شيئا غريبا أو خفيا؛ لأن سببه ظاهر للعيان، ولكنهم يعدون الموت من العلل والآفات أمرا من خوارق العادات ويعزونه إلى الأرواح الشريرة، فإن شكا أحد من صداع أو مرض في الأمعاء أو غيره قالوا: قد لبسه جني، فمداواة هؤلاء المرضى ليست إلا طرد هذه الأرواح المتسلطة عليهم.
يبدءون بمداواة مرضاهم بالعزائم السحرية ثم يصحبونها بالعمليات الجراحية والمعالجات الطبية الأولية، وهم معتقدون أن الفضل في تأثيرها راجع إلى الأغاني السحرية.
حينما يدعى الكاهن الوثني في الكونغو لطرد روح خبيث استحوذ على زنجي يقيم للمريض حفلة غناء ورقص أمام كوخه، وتمكث يومين فيهرع إليها الناس من كل فج عميق ليشاهدوا الساحر الذي يسمونه بلغتهم «ماكنجا»، يعزف العازفون بآلاتهم الموسيقية ويغني الحاضرون أناشيد تصحب الموسيقى ولا يترنم الساحر إلا بمطلع النشيد، ويستمر كل دور نحو ساعتين فلا ينتهي إلا حينما تنفد قوى الراقص الذي يمثل في رقصه الحروب، فتراه محمر العينين كأنه ثمل من شدة الوغى، بيده رمح يمثل به هجوم ودفاع خصمين، وينتهي الأمر بأن يتخيل أنه ظفر بعدوه فينشد أناشيد النصر، وتكون الموسيقى وقت هذه الحرب التمثيلية بطيئة أو سريعة على نغمة واحدة أو متنوعة، وذلك وفق حركات الراقص الممثل.
Page inconnue