41

Pensées d'un Âne

خواطر حمار: مذكرات فلسفية وأخلاقية على لسان حمار

Genres

فأجابت: بغير شك! ألا ترى أنه في غاية النحافة؟

فقال جاك: هذا صحيح، يا كديشون المسكين! وأنا لم أفكر في إعطائه ما معي من الخبز. ثم أخرج من جيبه قطعة الخبز التي أعطتها له الدادة لطعامه في هذه النزهة، وقدمها إلي بيده اللطيفة.

ولكنني كنت ممتعضا من كلام الدادة وظنها أنني لم أمش إلا تطلعا إلى ذلك الخبز، فراق لي أن أثبت لها أنها لم تكن على صواب حين ظنت بي هذا الظن، وأن أؤكد لها أنني لم أحمل روز على ظهري إلا تلطفا وتوددا.

ولذلك رفضت تناول الخبز الذي قدمه إلي جاك، واكتفيت بأن ألحس يده.

فقال جاك: يا دادة، انظري! فإنه يقبل يدي، ولا يرضى قبول خبزي، فما أحسن طبعك يا كديشون! وما أحقك بالحب! أنت ترين الآن يا دادة أنه يتبعني لأنه يحبني، وليس لأن معي قطعة من الخبز.

فأجابت الدادة: لك رأيك إذا كنت ترى في حمار ما لا يراه الناس حتى تحسبه مثالا! حسنا، أما أنا فإنني أعرف أن كل الحمير أهل عناد وخبث ولذلك لا أحبها.

فقال جاك: كلا يا دادة، كديشون هذا ليس خبيثا، انظري كيف هو طيب معي.

فقالت: سترى إذا كان هذا يدوم منه.

فالتفت إلي جاك، وقال بتلطف: أنت يا كديشون ستكون طيبا لي وللدادة، وستستمر على هذا، أليس كذلك؟

فأدرت رأسي نحوه، ونظرت إليه نظرة حنو أدركها مع حداثة سنه، ثم أدرت رأسي نحو المربية وألقيت عليها نظرة جفاء حادة أحست بها، ولذلك قالت: ما أقسى نظرته! إن عليه سيماء اللؤم، فإنه ينظر إلي نظرة جارحة كأنه يريد أن يفترسني.

Page inconnue