وإذا به يتساءل: شعر؟
فقلت وأنا أضحك من غفلتي: نعم. - خبرني عن معناه؟
فرحت أشرحه له كلمة كلمة، وهو يتابعني باسما، ثم قال: جميل حقا، ولكن أأنت عاشق أم شاعر؟
فقلت بنبرة اعتراف: عاشق! - جميل حقا، ولكن لماذا الكتم، ولماذا الظلم؟ - هكذا الحب في بلادنا. - الحب أن تتكلم، وأن تحب، وأن تمرح مع من تحب. - هذا عند اليونان. - والرومان .. وكل الناس.
فهتفت منتشيا: بالله احكم العالم يا فاسيليادس. - أنت شاب مهذب وقوي، أي بنت يمكن أن تحبك، ولكن لا تكتم وإلا فكيف يعرف المحبوب أنك تحبه، ولا تهتم بلوم الظالم .. خذ.
وملأ لي الكأس من جديد، فآمنت بقوله واستعدت الثقة المفقودة، ثم ذهبت بقلب شكور.
وتمر الأيام ولا تشيب لك شعرة يا فاسيليادس أو يخبو لعينيك ضياء. وذات مساء سألته، وأنا أرمقه بإعجاب: كيف تحافظ على شبابك؟
فأجاب مبتسما في لباقة: بمعاشرة الأحباب من أمثالك!
فتناولت الكأس قائلا: كلامك دائما حلو.
فسألني بإشفاق: كيف حال الوليد؟ - يتقدم إلى الشفاء، وفي الطريق آخر فيما يبدو! - مبارك، هذا عهد الإنجاب، أنت رجل محترم ولا عيب فيك، إلا أنك سريع الشكوى. - الحق أن الحياة لا تسر. - كيف لا وأنت موظف محترم وزوج وأب؟ - أقصد البلد، وحياتنا السياسية، لعلك لا تهتم بذلك؟ - من بعيد، كثيرا ما أرى من موقفي وراء البار المظاهرات وأسمع الهتافات، وأرى عساكر البوليس وهم يطاردون الطلبة، ثم تجيء اللوريات وعربات الإسعاف، كثيرا .. كثيرا، لماذا أنتم عصبيون هكذا؟ - بلد تعيس الحظ يا فاسيليادس. - هكذا السياسة في كل مكان، عندنا في اليونان سالت دماء كثيرة. لا تحزن، أين كنت أمس وأين أنت اليوم؟ وستشرب هنا نخب انتصارات قادمة، وسوف أذكرك، خذ.
Page inconnue