La création du Coran
رسائل الجاحظ
Chercheur
عبد السلام محمد هارون
Maison d'édition
مكتبة الخانجي، القاهرة
Année de publication
1384 ه - 1964 م
Genres
وقال له: روينا في تثبيت ما نقول الآثار، وتلونا عليك الآية من الكتاب، وأريناك الشاهد من النقول التي بها لزم الناس الفرائض، وبها يفصلون بين الحق والباطل، فعارضنا أنت الآن بواحدة من الثلاث. فلم يكن ذلك عنده، ولا استخزى من الكذب عليه في غير هذا المجلس، لأن عدة من حضره أكثر من أن يطمع أحدا أن يكون الكذب يجوز عليه. وقد كان صاحبكم هذا يقول: لا تقية إلا في دار الشرك. فلو كان ما أقر به من خلق القرآن كان منه على وجه التقية فقد أعمل التقية في دار الإسلام، وقد أكذب نفسه. وإن كان ما أقر به على الصحة والحقيقة فلستم منه، وليس منكم. على أنه لم ير سيفا مشهورا، ولا ضرب ضربا كثيرا، ولا ضرب إلا ثلاثين سوطا مقطوعة الثمار، مشعثة الأطراف، حتى أفصح بالإقرار مرارا. ولا كان في مجلس ضيق، ولا كانت حاله حال مؤيسة، ولا كان مثقلا بالحديد، ولا خلع قلبه بشدة الوعيد. ولقد كان ينازع بألين الكلام، ويجيب بأغلظ الجواب، ويرزنون ويخف، ويحلمون ويطيش.
وعبتم علينا إكفارنا إياكم، واحتجاجنا عليكم بالقرآن والحديث. وقلتم: تكفروننا على إنكار شيء يحتمله التأويل، ويثبت بالأحاديث، فقد ينبغي لكم أن لا تحتجوا في شيء من القدر والتوحيد بشيء من القرآن، وأن لا تكفروا أحدا خالفكم في شيء وأنتم أسرع الناس إلى إكفارنا، وإلى عداوتنا والنصب لنا.
فصل منه
وأصحابنا - حفظك الله - إذا قاسوا خطأهم، ومروا على غلطهم فإنما ينقضون به شيئا من العرض والجوهر، وشيئا من قولهم في المعلوم والمجهول فقط. وهم قوم يكفيهم من التنبيه أقله، ومن القول أيسره. وخطأ النابتة وقول الرافضة تشبيه مصرح، وكفر مجلح، فليس هذا الجنس من ذلك الجنس. والحمد لله.
Page 296