Khabar al-Waahid al-Saheeh wa Athruhu fi al-'Amal wa al-'Aqeedah
خبر الواحد الصحيح وأثره في العمل والعقيدة
Maison d'édition
مجلة التراث العربي - مجلة فصلية تصدر عن اتحاد الكتاب العرب
Lieu d'édition
دمشق
Genres
١ - قوله تعالى: ﴿فَلَوْلاَ نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ [التوبة: ١٢٢].
قال في " مسلَّم الثبوت " و" شرحه " (١٣):
«فإن الحذر إنما يكون من الواجب، والكريمة دلت على الحذر فيكون الأخذ بمقتضى أخبار الطائفة وَاجِبًا، والطائفة من كل فرقة لا تبلغ مبلغ التواتر، بل الطائفة على ما قال ابن عباس ﵁ تشمل الواحد والجماعة».
٢ - قوله تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: ٤٣] و[الأنبياء: ٧].
أمر الله تعالى في هذه الآية بسؤال أهل الذكر، ولم يفرق بين المجتهد وغيره، وسؤال المجتهد لغيره منحصر في طلب الإخبار بما سمع دون الفتوى، ولم لم يكن القبول وَاجِبًا لما كان السؤال وَاجِبًا (١٤).
٣ - قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ﴾ [النساء: ١٣٥].
«أمر بالقيام بالقسط والشهادة لله، ومن أخبر عن الرسول بما سمعه فقد قام بالقسط وشهد لله، وكان ذلك وَاجِبًا عليه بالأمر، وإنما يكون وَاجِبًا لو كان القبول وَاجِبًا، وإلا كان وجوب الشهادة كعدمها، وهو ممتنع» (١٥).
ب - دَلاَلَةُ السُنَّةِ:
وهو أمر أشهر من أن يخفى لكثرة ما تواردت عليه الأحاديث في الوقائع التي لا تحصى كثرة كما صرح بذلك أئمة أهل العلم (١٦)، أذكر منها هذه الأحاديث مُبَيِّنًا تَخْرِيجَهَا:
١ - «نَضَّرَ اللَّهُ امْرُءًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَبَلَّغَهَا، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرِ فَقِيهٍ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ».
وهذا حديث متواتر بلغ رواته من الصحابة نحو ثلاثين صَحَابِيًّا، كما ذكر الإمام السيوطي في " تدريب الراوي " (١٧).
وهو دليل جَلِيٌّ جِدًّا على الموضوع، استدل به الإمام السرخسي الحنفي على وجوب قبول حديث الواحد الصحيح، قال يوجه استدلاله (١٨): «ثم أن مَنْ بعثه رسول الله ﷺ خليفته في التبليغ - يعني واجب الامتثال - فكل من سمع شَيْئًا في أمر الدين فهو خليفته في التبليغ، مأمور من جهته بالبيان». يعني فيكون واجب القبول أيضًا، فثبت بذلك وجوب العمل بخبر الواحد.
٢ - حديث أنس بن مالك ﵁ في تحريم الخمر: قال: «... إِنِّي لَقَائِمٌ أَسْقِيهَا أَبَا طَلْحَةَ، وَأَبَا أَيُّوبَ، وَرِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي بَيْتِنَا إِذْ جَاءَ رَجُلٌ، فَقَالَ: هَلْ بَلَغَكُمُ الخَبَرُ؟ قُلْنَا: لاَ، قَالَ: «فَإِنَّ الخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ»، فَقَالَ أبو طلحة: يَا أَنَسُ، أَرِقْ هَذِهِ الْقِلاَلَ، قَالَ: فَمَا رَاجَعُوهَا، وَلاَ سَأَلُوا عَنْهَا بَعْدَ خَبَرِ الرَّجُلِ». متفق عليه.
٣ - حديث عبد الله بن عباس ﵄ قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ الهِلاَلَ - قَالَ الحَسَنُ فِي حَدِيثِهِ - يَعْنِي هِلاَلَ رَمَضَانَ -، قَالَ: «أَتَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ؟»، قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؟»، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «يَا بِلاَلُ، أَذِّنْ فِي النَّاسِ أَنْ صُومُوا غَدًا» أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي، وورد نحوه عن ابن عمر وأنس بن مالك وربعي بن حراش (١٩) وقد صحح العلماء ذلك.
_________
(١٣) ج ٢ ص ١٣٤.
(١٤) " كشف الأسرار " لعبد العزيز البخاري: ج ١ ص ٦٩٢.
(١٥) نفس المكان.
(١٦) البزدوي في كتابه " أصول الفقه "، وكذا غيره، وانظر مَزِيدًا من سرد الأحاديث في " شرح البخاري " عليه: ج١ ص ٦٩٣ - ٦٩٤.
(١٧) ج ٢ ص١٧٩، وانظر " كشف الخفاء ومزيل الالباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس " للعجلوني: ج٢ ص ٤٤١.
(١٨) " أصول السرخسي ": ج١ ص ٣٢٥.
(١٩) انظر " توضيح الأفكار ": ج ٢ ص ٤٦٧.
1 / 165