Keynes : une très brève introduction

Cabd Rahman Majdi d. 1450 AH
34

Keynes : une très brève introduction

جون مينارد كينز: مقدمة قصيرة جدا

Genres

لا نرغب في أن نعكس الأدوار التي اقترحتها ألمانيا لنفسها ولجيرانها ... إذ يجب أن يتوقع من ألمانيا وأن يسمح لها بتولي القيادة الاقتصادية التي تنبع على نحو طبيعي من قدراتها وموقعها الجغرافي. صحيح أن ألمانيا هي أسوأ قائد عرفه العالم حتى الآن، لكنها يمكن على أسس من المساواة أن تكون شريكا فعالا.

وفي 25 من أبريل عام 1941 تصور كينز نظاما يعتمد على الجنيه الاسترليني يشمل بعض الدول الأوروبية يمكنه أن يفرض قيودا على السلع الأمريكية إذا ظلت الولايات المتحدة «في وضع الدائن غير المتوازن».

تلقى كينز صدمة كبيرة عندما زار واشنطن في الفترة من 7 مايو إلى 29 يوليو 1941. فكما كان الحال عام 1915، كانت بريطانيا تعتمد على مشتريات من الولايات المتحدة المحايدة، والتي لم تكن قادرة على تسديد ثمنها. وفي ديسمبر عام 1940 أعلن روزفلت عن برنامج «الإعارة والتأجير»، وهو برنامج لتقديم الإمدادات لبريطانيا ليس في مقابل الأموال المقترضة كما كان الحال في الحرب العالمية الأولى، ولكن في مقابل لم يعلن عنه يدفع بعد الحرب. لقد أتى كينز باعتباره مبعوث «أمة عظيمة ومستقلة يطلب ما اعتبره حقا وما لم يكونوا مستعدين لتقديمه لنا إلا معروفا.» وفي 28 يوليو؛ أي قبل مغادرته لأمريكا بيوم، أعطي مسودة وزارة الخارجية لاتفاقية الإعارة والتأجير التي كشفت - في المادة السابعة منها - عن المقابل المطلوب؛ وهو: تعهد بريطانيا بتجنب فرض قيود على استيراد السلع الأمريكية؛ أي إن بريطانيا تقايض نظام التفضيل الإمبريالي مقابل برنامج الإعارة والتأجير. وربما عجل كينز المسعى الأمريكي لتوقيع تلك الاتفاقية بإخبار وزارة الخارجية الأمريكية في 25 يونيو أن بريطانيا ربما تضطر إلى إقرار سياسات تجارية تمييزية للموازنة بين صادراتها ووارداتها بعد الحرب. لكن عندما رأى كينز المادة السابعة، انفجر غضبا. وانتشر شجبه ل «مقترحات السيد هال المجنونة» في جميع أنحاء واشنطن. بدا كل هذا تكرارا لتجربة الحرب العالمية الأولى المريرة. لكن كينز كان أكبر سنا وأكثر حكمة في تلك المرة. كما أن بريطانيا لم يكن لديها أي خيار واقعي إلا تنفيذ الطلبات الأمريكية في ظل انعدام الأمل في التفاوض على السلام على عكس عام 1916؛ لذا عاد كينز إلى منزله الريفي بتيلتون في شهر أغسطس ليضع خطة كينزية جديدة. وجاء فيها اقتراحه الشهير بإنشاء «اتحاد مقاصة» يشمل الولايات المتحدة هذه المرة، والذي وقع عليه بالأحرف الأولى في 8 سبتمبر 1941.

كانت السمة الجوهرية في تلك الخطة هي أن الدول الدائنة لا يسمح لها بادخار فائضها أو فرض أسعار فائدة عقابية على إقراضه؛ بل يتاح الفائض تلقائيا على هيئة تسهيلات ائتمانية رخيصة على المكشوف للدول المدينة من خلال آلية عمل بنك اتحاد مقاصة دولي، مودعوه هم البنوك المركزية لأعضاء الاتحاد. لكنه كان لا يزال مستعدا للتحول إلى بديل تكتل عملة تحت قيادة بريطانيا تعززه «أدوات شاختية» إذا رفضت الولايات المتحدة الاشتراك في الاتحاد. (وضع دكتور شاخت وهو وزير هتلر للاقتصاد في الثلاثينيات نظاما ناجحا لاتفاقات التجارة الثنائية لموازنة حسابات ألمانيا الخارجية.) وأضافت مسودة أخرى، وقع عليها كينز بالأحرف الأولى في 18 نوفمبر 1941، «الاقتراح الشديد الأهمية» الذي نص على أن عضوية الاتحاد النقدي قد تكون في مجموعات تقوم بناء على «الوحدات السياسية والجغرافية» مثل منطقة الاسترليني. واحتفظت تلك المقترحات بأهميتها باعتبارها نموذجا ممكنا للعودة التدريجية إلى نظام سعر صرف عالمي ثابت كما في يومنا هذا.

أدلت الولايات المتحدة بشروطها صراحة بمجرد دخولها الحرب في ديسمبر 1941. وأصرت الولايات المتحدة على أن تتعهد بريطانيا في مقابل المساعدات بأن تتخلى عن التمييز التجاري فيما بعد الحرب. وأضيف هذا التعهد إلى المادة السابعة من اتفاقية الإعارة والتأجير التي تم توقيعها في 23 فبراير 1942؛ أي بعد خمسة أيام من سقوط سنغافورة في يد اليابانيين. أدرك كينز عندها أن خيار التكتل الاقتصادي لن يتحقق؛ إذ لن تسمح أمريكا بتمويل الجهود الحربية البريطانية كي تبرز بريطانيا بعد ذلك وتكون على رأس نظام «شاختي» يفرض قيودا على الصادرات الأمريكية. وكان على كينز أن يكرس نفسه لحل المعضلة الفكرية؛ وهي كيفية المواءمة بين حاجة بريطانيا إلى أن تكون لها حرية إقرار سياسات تستهدف التوظيف الكامل من جهة، ونظام التجارة الحرة الأمريكي من جهة أخرى. واضطر إلى تقبل فكرة أن عالم ما بعد الحرب ستشكله القوة الأمريكية؛ أي ستحكمه المثالية الأمريكية والعقول البريطانية. كما أنه لم يكن ليرقى لمكانته الشخصية ولأن يكون اقتصاديا وليبراليا، إن لم ينشغل بإمكانية استغلال لحظة تاريخية فريدة كهذه لإعادة صياغة نسخة محسنة من النظام الاقتصادي الليبرالي الذي انهار بعد الحرب العالمية الأولى. وأدرك كينز كذلك حقيقة أخلاقية وجغرافية سياسية. فبافتراض هزيمة ألمانيا، فإن خيارات ما بعد الحرب ستنحصر فيما بين «التوجه نحو روسيا أو الولايات المتحدة»؛ أي بين الرأسمالية العالمية والاشتراكية القائمة على الاكتفاء الذاتي، دون أي خيار وسط. وكتب يقول: «أليس هناك الكثير ليقال عن تجربة التوجه للولايات المتحدة أولا؟»

من جانبهم كان الأمريكان يفكرون أيضا في النظام الاقتصادي بعد الحرب؛ إذ وضع هاري دكستر وايت، وهو مسئول بوزارة الخزانة الأمريكية، خطة في مارس 1942. واقترحت الخطة معيار ذهب معدلا يلحق به آلية ضبط بسيطة في صورة صندوق لاستقرار أسعار الصرف، يمكن للمشاركين فيه أن يسحبوا منه بحد أقصى يساوي مقدار مشاركتهم بنفس عملتهم؛ وهو مشروع دعم من الناحية الفعلية المذهب التقليدي لضبط حسابات المدينين، وذلك بتحديده للاعتماد على أمريكا. وكانت القيمة الإجمالية لآلية الضبط التي اقترحها وايت (5 مليارات دولار في البداية ثم 8 مليارات) أقل بكثير من قيمة الآلية التي اقترحتها خطة كينز (26 مليار دولار)؛ كما فرضت شروط صارمة على سحب الحصص. ولم يطلع كل من كينز ووايت على خطط الآخر إلا في صيف عام 1942. وتحولت الخطتان إلى مواقف تفاوضية لدولتيهما.

لكن اتفاقية بريتون وودز، التي وقعت في 22 يوليو 1944 بعد جولتي مفاوضات شاقتين في واشنطن، عكست وجهة النظر الأمريكية لا البريطانية، وعكست الخلافات بين الجانبين بشأن مسائل مثل إدارة سعر الصرف والتعامل مع الاحتياطيات والسياسة الجمركية والمسئولية عن عملية الضبط للمصالح الوطنية لكلتا الدولتين بعد أن نقحتها تجاربهما فيما بين الحربين وتوقعاتهما للمستقبل. وانحصرت إنجازات بريطانيا التفاوضية في الحصول على ضمانات وإرجاء لدفع الديون وتخفيف بعض الشروط في ظل الخطة الأمريكية. وكان النجاح الرئيسي لبريطانيا هو وضع بند «للعملة النادرة» يسمح للدول المدينة بالتمييز التجاري ضد الدول الدائنة في ظروف معينة.

وبحسب ما قال جيمس ميد وليونيل روبنز، وهما عضوا فرق التفاوض البريطانية اللذان سجلا يومياتهما، كان أداء كينز في مؤتمري واشنطن، في المدة من سبتمبر حتى أكتوبر 1943 ومن يوليو حتى أغسطس 1944، مزيجا من البلاغة غير العادية، سواء في الألفاظ والمعاني، والوقاحة غير العادية في الحديث مع الأمريكيين وعنهم. وفي أعقاب إحدى جلسات التفاوض قال هاري دكستر وايت لروبنز: «إن البارون كينز يشع عبقرية.» وكتب روبنز في أعقاب جلسة أخرى يتحدث عن «نشوة الأمريكيين أمام منشد ساحر وموهوب يغني في ضيافتهم وشعاع ذهبي يتلألأ حولهم.» من ناحية أخرى نقل ميد عن كارل بيرنستين، الذي عمل في وزارة الخزانة الأمريكية، «المعاناة من أخلاق كينز المتدنية». (قال كينز في إحدى مسوداته: «إن هذا لا يحتمل. إنه تلمود آخر.») عكست تصرفات كينز الخارجة، بوصفه أحد المفاوضين، إرهاقه وتدهور صحته بلا شك، وعكست أيضا شعوره بالإحباط تجاه قلة حيلة بريطانيا. كان هذا الشعور بالمثالية، الممزوج بإدراك أن الولايات المتحدة أصبحت في وضع المهيمن، مسيطرا على جميع المفاوضين البريطانيين. وقال ليونيل روبنز في هذا الشأن: «في عالم المستقبل سنضطر إلى الاعتماد بشكل أكبر على عقولنا.» لكن المشكلة كانت تكمن في أن العقول كان يجب إسكاتها إذعانا للخوف الأمريكي من التسفيه والسخرية، «خاصة على يد اللورد كينز البارع المخيف».

أثنى كينز في مجلس اللوردات في 23 مايو 1944 على الخطة البريطانية الأمريكية المتفق عليها من منظوري المثالية والضرورة؛ إذ قال: «ما البديل المتاح أمامنا؟» فعلى عكس الحرب العالمية الأولى، افتخر كينز الآن بأنه «بشن حرب دون حساب تكلفتها النهائية قد أثقلنا كاهلنا - دون باقي دول الأمم المتحدة - بعبء مديونية مؤجلة لدول أخرى، وهي التي سنرزح تحت قيودها.» على وجه الخصوص، أضاف أنه من دون الإطار الجديد الذي أقرته تلك الخطة:

ستخسر لندن بالضرورة مكانتها الدولية، وستنهار تماما ... ترتيبات منطقة الاسترليني. ويبدو لي أنه ضرب من الجنون افتراض أن نظاما قائما على الاتفاقيات والمقايضات الثنائية دون أن يعرف من يمتلك الجنيه الاسترليني ما يمكنه فعله به ... هو الوسيلة المثلى لتشجيع الدول التي كانت تابعة للإمبراطورية البريطانية على أن تتمحور أنظمتها المالية حول لندن.

Page inconnue