بين الكتب (١) أن المؤلف يذكر فيها حال الرواية من الصحة والحسن وغيرهما دون أصحاب السنن الآخر، والفرق بين الحسن والصحيح أن الضبط وإتقان الرواية في رواة الحسن دونهما في رواية الصحيح، وعلى هذا فلا يصح اجتماع الصحة والحسن في رواية واحدة، فإن أحدًا من رجال الإسناد إذا اتصف بكونه دون رواة الصحيح تنزل الإسناد من الصحة فلا يكون إلا حسنًا، وإذا كانت جملة رواته في المرتبة القصوى من الضبط والإتقان لم يكن إلا صحيحًا وإذا كان الأمر على ما وصفنا افتقر إلى الجواب عما جمعها الترمذي رحمه الله تعالى في أكثر الروايات، ومعنى التفضيل غير مرعى فيه وأجيب (٢) بتعدد طرق المتن، فإحدى
_________
(١) قلت: يعني من بين الأمهات الستة خاصة وإلا فالمبدع لهذا الاصطلاح على بن المديني، قال الحافظ في نكته على ابن الصلاح: قد أكثر على بن المديني من وصف الأحاديث بالصحة وبالحسن في مسنده، وفي علله، وكأنه الإمام السابق لهذا الاصطلاح وعنه أخذ البخاري ويعقوب بن شيبة وغير واحد، وعن البخاري أخذ الترمذي، فاستمداد الترمذي لذلك إنما هو من البخاري لكن الترمذي أكثر منه وأظهر الاصطلاح فيه وصار أشهر به من غيره، كذا في القوت.
(٢) قلت: وأجاب عنه عماد الدين بن كثير بأن ههنا ثلاث مراتب: الصحيح أعلاها والحسن أدناها، والجمع بينهما رتبة متوسطة كقولهم الحلو الحامض، وتعقبه الحافظ وغيره بأن هذا يقتضي إثبات قسم ثالث ولا قائل به، وحاصل ما قاله ابن دقيق العيد في الاقتراح بأن بينهما عمومًا وخصوصًا فكل صحيح حسن بدون العكس وأجاب عنه الزركشي بأنه إذا جمع بينهما فيحتمل أن يريد في هذه الصورة الخاصة الترادف ويحتمل أن يكون الترمذي أدى اجتهاده إلى حسنه وأدى اجتهاد غيره إلى صحته أو بالعكس فهو باعتبار مذهبين، وأجاب عنه الحافظ في النكت بأجوبة منها يجوز أن يكون باعتبار وصفين مختلفين وهما الإسناد والحكم فيجوز أن يكون حسنًا باعتبار الإسناد صحيحًا باعتبار الحكم، وأجيب أيضًا بأن ذلك للتردد من المجتهد في الناقل هل اجتمعت فيه شروط الصحة أو قصر عنها وغير ذلك من الأجوبة التي ذكرها صاحب القوت وغيره.
1 / 30