============================================================
وجهد به أخوه الحسين آن يخبره بمن سمه فلم يفعل، وقال: الله أشد نقمة، إن كان الذي أظن، وإلا فلا يقتل بي بريء .
ورأى الحسن رضي الله عنه [في منامه](1) بين عينيه مكتوبا: قل هو الله أة [الإخلاص: 1] فاستبشر به هو وأهل بيته، فقضوها على ابن المسيب فقال: إن صدقت رؤياه فما بقي من أجله إلا آياما. فكان كذلك .
ولما احتضر جزع، فقال له الحسين رضي الله عنه : ما هذا ؟! إنك ترد على المصطفى وعلي كرم الله وجهه، وهما أبواك، وخديجة وفاطمة رضي الله عنهما وهما أماك. فقال: إني أدخل في أمر من أمر الله لم أدخل في مثله، وأقدم على سيد لم أر مثله، وأرى خلقا من خلق الله لم أر مثلهم قط، يا أخي، إن أباك استشرف لهذا الأمر فصرفة الله عنه، ووليها أبو بكر رضي الله عنه، ثم استشرف لها فضرفت عنه إلى عمر رضي الله عنه، ثم لم يشك وقت الشورى أنها لا تعدوه، فضرفت عنه، فلما قتل غثمان رضي الله عنه بويع له بالخلافة ثم نوزع حتى جود السيف، فما صفت له، وإني والله ما أرى أن يجمع الله فينا بين الثبوة والخلافة، فلا يستخفنك سفهاء الكوفة.
وكان عطاؤه في كل سنة مثة ألف، فحبسها عنه، معاوية عاما، فأضاق ذرعا، فدعا بدواة ليكتب لمعاوية، ثم أمسك، فرأى المصطفى فشكا إليه ذلك، فقال: أدعوت بدواة لتكتب إلى مخلوق مثلك ؟! قل اللهم، اقذف في قلبي رجاءك، واقطغ رجائي عمن سواك حتى لا أرجو احدا غيرك، اللهم وما ضعفت عنه قوتي، وقصر عنه عملي(2)، ولم تتله رغبتي، ولم تبلغه مسالتي، ولم يجر على لساني مما أعطيت أحدا من الأؤلين والآخرين من اليقين فخصني به، يا رب العالمين، فما ألح به أسبوعا حتى أتاه ألف ألف وخمس مثة ألف.
مات رضي الله عنه سنة تسع وأربعين، وقيل خمسين، وقيل إحدى وخمسين، ودفن بالبقيع عند أمه فاطمة الزهراء.
(1) ما بين معقوفين مستدرك من تاريخ دمشق 278 مخطوطة الظاهرية .
(2) في الأصل: أملي، والمثبت من مختصر تاريج دمشق 1/7.
14
Page 140