كشف القناع عن متن الإقناع

Al-Buhuti d. 1051 AH
76

كشف القناع عن متن الإقناع

كشاف القناع عن متن الإقناع

Chercheur

هلال مصيلحي مصطفى هلال

Maison d'édition

مكتبة النصر الحديثة

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

1377 AH

Lieu d'édition

الرياض

وَالشُّرُوطِ وَمَا يَجِبُ اعْتِبَارُهُ وَسُمِّيَ وُضُوءًا لِتَنْظِيفِهِ الْمُتَوَضِّئِ وَتَحْسِينِهِ وَالْحِكْمَةُ فِي غَسْلِ الْأَعْضَاءِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْوُضُوءِ دُونَ غَيْرِهَا أَنَّهَا أَسْرَعُ مَا يَتَحَرَّكُ مِنْ الْبَدَنِ لِلْمُخَالَفَةِ فَأَمَرَ بِغَسْلِهَا ظَاهِرًا، تَنْبِيهًا عَلَى طَهَارَتِهَا الْبَاطِنَةِ وَرَتَّبَ غَسْلَهَا عَلَى تَرْتِيبِ سُرْعَةِ الْحَرَكَةِ فِي الْمُخَالَفَةِ فَأَمَرَ بِغَسْلِ الْوَجْهِ وَفِيهِ الْفَمُ وَالْأَنْفُ، فَابْتُدِئَ بِالْمَضْمَضَةِ؛ لِأَنَّ اللِّسَانَ أَكْثَرُ الْأَعْضَاءِ وَأَشَدُّهَا حَرَكَةً إذْ غَيْرُهُ رُبَّمَا سَلِمَ وَهُوَ كَثِيرُ الْعَطَبِ قَلِيلُ السَّلَامَةِ غَالِبًا ثُمَّ بِالْأَنْفِ لِيَتُوبَ عَمَّا يُشَمُّ بِهِ بِالْوَجْهِ لِيَتُوبَ عَمَّا نَظَرَ ثُمَّ بِالْيَدَيْنِ لِتَتُوبَ عَنْ الْبَطْشِ، ثُمَّ خَصَّ الرَّأْسَ بِالْمَسْحِ لِأَنَّهُ مُجَاوِرٌ لِمَا تَقَعُ مِنْهُ الْمُخَالَفَةُ، ثُمَّ بِالْأُذُنِ لِأَجْلِ السَّمَاعِ، ثُمَّ بِالرِّجْلِ لِأَجْلِ الْمَشْيِ، ثُمَّ أَرْشَدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى تَجْدِيدِ الْإِيمَانِ بِالشَّهَادَتَيْنِ. (وَفُرُوضُهُ) أَيْ الْوُضُوءُ جَمْعُ فَرْضٍ وَهُوَ لُغَةً الْحَزُّ وَالْقَطْعِ وَشَرْعًا مَا أُثِيبَ فَاعِلُهُ وَعُوقِبَ تَارِكُهُ (سِتَّةٌ غَسْلُ الْوَجْهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى، ﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ﴾ [المائدة: ٦] . وَ(غَسْلُ الْيَدَيْنِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَمَسْحُ الرَّأْسِ وَغَسْلُ الرِّجْلَيْنِ إلَى الْكَعْبَيْنِ) لِبَقِيَّةِ الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ وَهُوَ وَاضِحٌ عَلَى النَّصْبِ وَأَمَّا الْجَرُّ فَقِيلَ بِالْجِوَازِ وَالْوَاوُ تَأْبَاهُ وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ الْمَسْحُ عِنْدَ الْعَرَبِ غَسْلٌ وَمَسْحٌ، فَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهَا تَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ الْمُجْمَلِ، وَصِحَاحُ الْأَحَادِيثِ تَبْلُغُ التَّوَاتُرَ فِي وُجُوبِ غَسْلِهَا، وَقِيلَ: لَمَّا كَانَتْ الْأَرْجُلُ فِي مَظِنَّةِ الْإِسْرَافِ فِي الْمَاءِ وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ مَذْمُومٌ عَطَفَهَا عَلَى الْمَمْسُوحِ لَا لِتُمْسَحَ بَلْ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى الِاقْتِصَارِ عَلَى مِقْدَارِ الْمَطْلُوبِ ثُمَّ قِيلَ إلَى الْكَعْبَيْنِ دَفْعًا لِظَنِّ ظَانٍّ أَنَّهَا مَمْسُوحَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَسْحَ لَمْ يُضْرَبْ لَهُ غَايَةٌ فِي الشَّرْعِ. وَرَوَى سَعِيدٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى بِسَنَدٍ حَسَنٍ قَالَ أَجْمَعَ أَصْحَابُ رَسُول اللَّهِ ﷺ عَلَى غَسْلِ الْقَدَمَيْنِ وَقَالَتْ عَائِشَةُ لَأَنْ تُقْطَعَا أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ أَمْسَحَ الْقَدَمَيْنِ وَهَذَا فِي حَقِّ غَيْرِ لَابِسِ الْخُفِّ وَإِمَّا لَابِسُهُ فَغَسْلُهُمَا لَيْسَ فَرْضًا مُتَعَيِّنًا فِي حَقِّهِ. (وَالتَّرْتِيبُ) بَيْنَ الْأَعْضَاءِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا ذَكَرَ اللَّهُ لِأَنَّهُ تَعَالَى أَدْخَلَ الْمَمْسُوحَ بَيْنَ الْمَغْسُولَاتِ، وَلَا يُعْلَمُ لِهَذَا فَائِدَةٌ غَيْرُ التَّرْتِيبِ: وَالْآيَةُ سِيقَتْ لِبَيَانِ الْوَاجِبِ وَالنَّبِيُّ ﷺ رَتَّبَ الْوُضُوءَ، وَقَالَ «هَذَا وُضُوءٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ الصَّلَاةَ إلَّا بِهِ» وَلِأَنَّهُ عِبَادَةٌ تَبْطُلُ بِالْحَدَثِ فَكَانَ التَّرْتِيبُ مُعْتَبَرًا فِيهِ كَالصَّلَاةِ يَجِبُ فِيهَا الرُّكُوعُ قَبْلَ السُّجُودِ وَلَوْ كَانَ التَّنْكِيسُ جَائِزًا لَفَعَلَهُ وَلَوْ مَرَّةً لِتَبْيِينِ الْجَوَازِ فَإِنْ تَوَضَّأَ مَنْكُوسًا لَمْ يَصِحَّ وَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ وَمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ مَا أُبَالِي إذَا تَمَّمْتُ وُضُوئِي

1 / 83