قيل: والمروءة هي أن يسير بسيرة أمثاله، في زمانه ومكانه. فلو لبس الفقيه القباء، أو الجندي الجبة والطيلسان، ردت روايته وشهادته.
وقيل: هي أن يصون نفسه من الأجناس، ولا يهينها عند الناس.
وقيل: هي أن يتحرز عما يسخر منه ويضحك
قلت: والتفسير الثاني أولى لعموم والله أعلم.
وزاد قوله: ليس معها بدعه. لأن التقوى تتعلق بالعمليات خاصة، فزاد ذلك ليعم ما يتعلق بالاعتقادات، فحينئذ يخرج المبتدع .
قلت: وهذا القيد يحتاج إليه من لم يقبل رواية كافر التأويل وفاسق. وأما من قبل روايتهما فيحذفه، أو يقول في حقيقة العدالة: هي ملكة أي: هيئة راسخة في النفس، تمنعها عن ارتكاب الكبائر والرذائل المباحة. وسيأتي الكلام في ذلك. ثم لما كانت حقيقة العدالة - أعني_ قوله: محافظة دينية... الخ. هيئه نفسية خفية، جعل لها علامات تتحقق بها، وهي اجتناب أمور:
منها: الكبائر . وقد روي عن ابن عمر أنها: الشرك بالله تعال، ى وقتل النفس بغير حق، والقذف للمحصن، والزنا، والفرار من الزحف، والسحر، وأكل مال اليتيم، وعقوق الوالدين المسلمين، والإلحاد في الحرم. وزاد أبو هريرة: أكل الربا. وعلي عليه السلام: السرقة، وشرب الخمر. فهذه كبائر، وما عداها فملتبس حاله.
ومنها: الإصرار على الصغائر.
قيل: ويرجع الإصرار إلى العرف، وبلوغه مبلغا ينفي الثقة.
ومنها: ترك بعض الصغائر. وهو ما يدل على خسة النفس، ودناءة الهمة، كسرقة لقمة، والتطفيف بحبة من تمر أو نحوه.
ومنها: ترك بعض المباح. وهو ما يدل على الخسة والدناءة أيضا. كاللعب بالحمام اعتيادا لا نادرا، والاجتماع بالأرذال، والحرف الدنيئة كالدباغة والحياكة، ممن لا يليق به من غير ضرورة تحمله على ذلك، لأن مرتكبها لا يتجنب الكذب غالبا.
Page 29