وعندهم أن القرآن إنما نزل ليتلى فقط، من غير دلالة على معنى. وبطلانه ظاهر لا يخفى. إذ القرآن خطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولسائر المكلفين قطعا. والخطاب بما لا معنى له لا يصح، إذ لا يفيد .
وأما أوائل السور ففي معانيها: خلاف بين المفسرين مذكور في موضعه.
(( ولا ما المراد به )) معنى باطنا (( خلاف ظاهره من دون دليل )) فأما مع الدليل فذلك كثير، كالمتشابه نحو: {إلى ربها ناظرة} فإن المراد به خلاف ظاهره، بدليل: {لا تدركه الأبصار}، ونحو ذلك.
(( خلافا للمرجئة )) فإنهم يقولون في أي: الوعيد: أن المراد بها خلاف ظاهرها، من دون دليل.
وخلافا للباطنية أيضا فإنهم يقولون: إن له معنى باطنا غير المعنى الظاهر، من دون دليل.كما يقولون : إن المراد بالبقرة في قوله تعالى: {إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة} عائشة. ويقولون: المراد ب {أجبت والطاغوت} أبو بكر وعمر. إلى غير ذلك من الأباطيل الظاهرة.وبطلان ذلك ظاهر. إذ يخرج بذلك عن كونه عربيا.وقد قال تعالى{قرآنا عربيا غير ذي عوج }.وذلك لأن الكلام العربي هو: ما استعمل في الأوضاع العربية، حقيقة، أو مجازا مع قرينة مرشدة.وما هو خلاف الظاهر ليس بحقيقة ولا مجاز والله أعلم.
فائدة [في القرآن]
القرآن الشريف محفوظ من الزيادة والنقصان والتحريف _ أعني _ تبديل لفظ بلفظ آخر، ولا يجوز فيه شيء من ذلك. إذ في تحويره هدم للدين، إذ يلزم أنا لا نثق بشيء منه، لجواز التبديل والزيادة، ونقصان
الناسخ وبقاء المنسوخ، وأيضا قال تعالى: {آنا نحن نزلنا الذكر وآنا له
أتحافظون}. فتولى تعالى حفظه، وما تولى تعالى حفظه حقيقي بأن لا يغير. ووجه الاستدلال بالآية: أن المراد إما حفظه عن النسيان، أو حفظه عن الزيادة والنقص والتبديل.
والأول: باطل. إذ المعلوم أنه قد ينساه بعض من حفظه، فيتعين الثاني. إذ لو جوزنا شيئا من تلك الأمور لكان غير محفوظ، وهو خلاف صريح الآية فتأمل .
Page 18