Le dévoileur pour ceux qui ont des esprits
الكاشف لذوي العقول (تنظيم)
Genres
(( والمختار )) عند الأكثر من العلماء (( أنه )) أي: الأمر
(( للوجوب )). أي: حقيقة فيه (( لغة وشرعا )) .
أما في اللغة فذاك. (( لمبادرة العقلاء )) من أهل اللغة (( إلى ذم عبد لم يمتثل أمر سيده )). وهم لا يذمون على ترك فعل، إلا والفعل واجب. فلو لا أنه حقيقة للوجوب لما فهموا ذلك منه، وتبادروا إليه. وكذلك فإنهم يصفون كل مأمور لم يفعل ما أمر به بأنه عاص. ولا يوصف بالعصيان إلا من خالف ما حتم عليه. ومن ذلك قول معاوية لعنه الله يخاطب مملوكه :
أمرتك أمرا حازما فعصيتني .................
(( و)) أما في الشرع فذلك (( لاستدلال السلف )) الماضين من الصحابة، والتابعين، وغيرهم، (( بظواهر )) صيغ (( الأوامر )). مطلقة مجردة عن القرائن، (( على الوجوب )). وتكرر ذلك وشاع وذاع، ولم ينكر عليهم أحد، وإلا لنقل. وذلك يوجب العلم باتفاقهم على ما اخترناه، كالقول الصريح .من ذلك حملهم قوله صلى الله عليه وآله وسلم في المجوس: ( سنوا بهم سنة أهل الكتاب ) .
وقوله في ناسي الصلاة: ( فليصلها إذا ذكرها ).
وقوله في ولوغ الكلب: ( فليغسله ).
ونظائر ذلك كثير. ولا يقال: إن السلف كما حملوا الأمر على الوجوب، حملوه أيضا على الندب. ونقل ذلك عنهم، كما نقل الحمل على الوجوب. وحملوه أيضا على الإباحة. فلا يصح هذا الإستدلال. لأنا نقول: إنهم وإن حملوه على الندب، أو الإباحة، ونقل عنهم ذلك، فإنه نقل عنهم أنهم إنما حكموا بذلك لقرائن أظهروها عند الإستدلال، تدل على ذلك. بخلاف الوجوب، فلم ينقل عنهم أنهم افتقروا إلى قرينة في حمل الأمر عليه، فصح ما قلنا. والله أعلم.
Page 141