Le Détecteur Fidèle sur les Joyaux du Contrat Précieux
الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين
Genres
وأما اللذة والألم، فالاستدلال بهما على الله تعالى مستقيم إلا أن الألم لا يصح الاستدلال به إلا إذا كان من فعل الله تعالى كالمرض دون المتولد من فعل العبد كالضرب ونحوه، ثم قوله: وكلها متغيره وخارجة من العدم إلى الوجود ومن الوجود إلى العدم يشير، به إلى وجه الدلالة ولا يخلو من خبط، فإن الجهل البسيط ليس خارجا من عدم إلى وجود لأنه أمر عدمي لا يتصف بالوجود، وكذلك الكفر إن أريد به الجهل البسيط، ثم الحكم على جميع المعدودة بالافتقار إلى صانع حكيم خبط ظاهر، لأنا قد بينا أن كثيرا منها ليس فيه دلالة على الله تعالى ولأن الكفر والجهل لا دلالة فيها على حكيم بل على ضده وهو الجهول اللئيم، وأما قوله: واجب الوجود عام العلم تام القدرة والإرادة. فليس فيما ذكره دلالة إلا على مجرد وجوده تعالى دون الوجوب، فبدليل آخر وهو أنه لو كان تعالى محدثا لاحتاج إلى محدث وتسلسل، وكذلك كونه عام العلم وتام القدرة مأخوذان أيضا من وجوه أخر لا من مجرد ما ذكره، فإنما ذكره إنما يدل على مطلق القدرة، ومطلق العلم دون العموم والتمام فمأخوذان من أدلة ذلك كما سيأتي في محله إن شاء الله تعالى، وكذلك الإرادة لا دلالة فيما ذكره على عمومها لكل مراد، وإنما يتناول إرادة ما ذكره من تلك المعدودات على أنه لا يسلم له أن الجهل والكفر مما تتناوله إرادة الله تعالى ، وكذلك الرضى والغضب إنما يفعل الله منهما ما كان صلاحا كالرضى عن الطائع والغضب على العاصي لا كل رضى وكل غضب كما يفيده إطلاق عبارته وقوله: فتكون حادثة وقائمة بالذات لازمة لها وملازم الحادث حادث، إن جعل الفاء تفريعية فإما متفرع على ما ذكره أولا في قوله: وكلها متغيرة وخارجة من العدم إلى الوجود ويكون واجب الوجود عام العلم إلخ، استطرادا فالكلام في بعضها مستقيم، وإما متفرع على ما ذكره آخرا وهو قوله: واجب الوجود عام العلم الخ. فلا يستقيم لأن حدوثها متفرع على اختلافها وعلى كونه قادرا عليها وعالما بها لا على كونه واجب الوجود وعام العلم وتام القدرة إلا بعد إقامة أدلة هذه الأوصاف،وإن كانت من لوازم كونه تعالى إلها خالقا لكن المراد من الاستدلال ما لزم باللزوم الأولي دون ما كان عن مراتب وأدلة أخرى، فلا يفيد إلا بعد إثبات تلك المراتب بأدلتها، وجعله العلم والإيمان والجهل والكفر من الصفات اللازمة للإنسان كما يفهم من قوله أولا، فتنظر إلى نفسك مع جعلها كلها قائمة بالإنسان المخاطب يلزم منه المحال وهو اتصاف المخاطب بتلك الأوصاف المتناقضة في كل حالة وأنها لازمة له لا يقدر على الخروج منها، فلا ثمرة لدعائه إلى العلم والإيمان بالصانع تعالى لحصوله عليه وملازمته له، ولا لدعائه إلى الخروج عن الجهل والكفر لكونه لازما له يستحيل خروجه عنه وعن العلم والإيمان وهكذا كل إنسان.
فانظر أيها المطلع رحمك الله تعالى إلى ما في كلام هؤلاء المجبرة من التهافت والتنافر والكلام المستسمج تعلم به صحة ما قيل، ولله در القائل وهو السيد الإمام المرتضى بن مفضل عليه السلام:
من لم يكن آل النبي هداته .... لم يأت فيما قاله بدليل
بل شبهة وتوهم وخيالة .... ومقالة تنبي عن التظليل
فأين استدلال هؤلاء القوم من استدلال أئمة العترة الطاهرة شموس الدنيا وشفعاء الآخرة عليهم السلام كالمؤلف لهذا المختصر المفيد ؟ فتأمل كلامه الذي مر وما سيأتي إلى آخر المختصر من الأكاليم الآخذة من كل مبحث بأصله، وماسكة من كل معنى بمحجزه ومفصله من دون إخلال بمراد ولا مناقضة بمزاد مع تناسب الألفاظ، وتطابقها على أبلغ المعاني، وتواردها على أفصح المباني، وهذا كالخارج عما نحن فيه، ولكني أردت به تهييج قلب طالب هذا الفن، وإلهابه إلى الفزع إلى علوم العترة النبوية والسلالة العلوية من أول وهلة، ومن عند الدخول من أول مسألة من مسائل هذا العلم الشريف الذي لا يعذر بجهله أحد.
Page 99