324

Le Détecteur Fidèle sur les Joyaux du Contrat Précieux

الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين

في إدراك العقل حسن الشيء أو قبحه

وأما الطرف الثاني: فاعلم أنه قد وقع الاتفاق على رواية الأساس وشرحه بين العدلية والأشعرية وغيرهم: أن العقل يستقل بإدراك حسن الشيء أو قبحه باعتبارين:

أحدهما: كونه صفة كمال فيدرك العقل حسنه كالعلم والكرم ومكارم الأخلاق، أو صفة نقص فيدرك قبحه كالجهل والشح المفرط ومساوئ الأخلاق.

والثاني:كونه ملائما للطبع فيدرك حسنه كالملاذ، أو منافر له فيدرك قبحه كالمضار، فهذان الاعتباران لا نزاع أن العقل يستقل بإدراك الحسن والقبح بالنظر إليهما، وبقي ثلاثة اعتبارات حصل فيها الاختلاف:

أحدها: كون الفعل متعلقا للمدح والثواب عاجلين فيدرك العقل حسنه، أو الذم والعقاب كذلك عاجلين فيدرك قبحه.

وثانيها: كونه متعلقا للمدح عاجلا والثواب آجلا فيدرك حسنه، أو متعلقا للذم عاجلا والعقاب آجلا فيدرك قبحه.

وثالثها: كونه غير متعلق لأي الأربعة المذكورة التي هي المدح، والذم، والثواب، والعقاب، بأن كان الفعل لا مدح ولا ذم ولا ثواب ولا عقاب في فعله ولا تركه عاجلا ولا آجلا وذلك كالمباحات.

فحكى في الأساس عن أئمتنا عليهم السلام والمعتزلة: أن العقل يستقل بإدراك الحسن والقبح في الأولين وأن الثالث من الحسن، والخلاف في هذه الثلاثة مع الأشعرية إلا اليسير منهم فوافق في الأول منها.

فهذا تفصيل القول بالنظر إلى الاتفاق فيما اتفق عليه والاختلاف فيما اختلف منه، ولكنه كما ترى لم يبين فيه هل المراد إدراك الحسن والقبح من حيث هما أم مع النظر إلى جهة الفاعل الذي يتعلق الحسن والقبح بفعله فيفترق الحال أو لا يفترق بين الخالق والمخلوق؟ والأظهر أن الكلام مبني على أن العقل يدرك الحسن والقبح بما ذكر من الاعتبارات المذكورة على الجملة، فيحتاج بعد ذلك إلى تفصيل حتى يعلم كيفية انبناء العدل والجبر على ذلك.

فأقول وبالله أصول: اعلم أولا أن أفعال الله سبحانه وتعالى على ثلاثة أضرب:

Page 356