Le Détecteur Fidèle sur les Joyaux du Contrat Précieux

Mohamed Mudacis d. 1351 AH
256

Le Détecteur Fidèle sur les Joyaux du Contrat Précieux

الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين

قلنا: هذا كلام ساقط وخلاف لما يسبق إلى الفهم من معنى الآية فلا يجوز العدول إليه، وبعد فمن شأن التمدح أن يكون وصفا لا يشاركه غيره فيه إلا ويكون ممدوحا بما مدح به، وهذا المعنى الذي حملوا المدح عليه وهو أن الأبصار لا تحيط به تعالى مع إدراكها له بزعمهم لا يختص به الباري تعالى، لأن السماوات والأرض والبحار والقفار الواسعة تدركها الأبصار ولا تحيط بها بل هذا معلوم في أكثر المرئيات، فإنا نرى الجبال والأشجار والأحجار والحيوانات لا تحيط أبصارنا منها إلا بما قابل الرائي منا لها دون سائر الجوانب الاخرة وبطونها وقعورها فبطل ما زعموه بلا ريب، وإنما وجه التمدح في ذلك من حيث أنه تعالى يرى المرئيات جميعا ولا هي تراه ولا يرد عليه أن القدرة والعلم والحياة ونحوها من سائر المعاني، وكذلك المعدوم على القول بأنه شيء قد شاركته تعالى في أنها لا ترى بالأبصار فيبطل التمدح، لأنا نقول: وجه التمدح مركب من الوصفين كونه تعالى يرى الأشياء كلها ولا يراه شيء منها، وهذه المذكورة وإن شاركته عز وجل في الوصف الأخير وهو كونها لا يراها أحد فهي لا تشاركه في الوصف الأول وهو كونه يراها كلها، فصار ذلك كقوله تعالى: {لا تأخذه سنة ولا نوم {، فإن هذا الوصف وحده غير كاف حتى ينضم إليه الوصف بكونه تعالى حيا، كالوصف بكونه تعالى لا يطعم حتى ينضم إليه الوصف بكونه يطعم، لأن الجمادات والأعراض تشاركه في كونها لا تأخذها سنة ولا نوم وكونها لا تطعم، ولكن لم يضر ذلك مدحا في حقها لاختلال المصحح والمقتضي لذلك الوصف وهو الحياة فيصير وجه التمدح وعدم حصول المقتضى وهو السنة والنوم، وأن لا يطعم مع حصول المصحح وهو كونه تعالى حيا، وهو وصف خاص بالله تعالى لا يشاركه غيره فيه، فكذلك كونه تعالى يرى كل الأشياء ولا يراه شيء منها، ويصير الجميع كالشاهد والكاشف على أنه تعالى لا يشبه الأشياء ولا تشبهه ولا يجوز عليه ما جاز عليها.

Page 283