Le Détecteur Fidèle sur les Joyaux du Contrat Précieux

Mohamed Mudacis d. 1351 AH
194

Le Détecteur Fidèle sur les Joyaux du Contrat Précieux

الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين

الثاني: حكي عن أبي القاسم بن شهلويه أنه قال: إنه تعالى يدرك جميع المدركات ما خلى الألم واللذة، وهذا إن أريد به أن الإدراك بمعنى العلم فقط، فغير مسلم له لأنهما من جملة المعلومات، وإن أريد به أن الإدراك هو المعنى الزائد على العلم الذي أثبته البصرية ومن وافقهم عليه شاهدا وغائبا، فأراد استثناءه في حقه تعالى بالنظر إلى اللذة والألم فما ذكره صحيح فيهما لاستحالة اللذة والألم في حقه تعالى، ولكن ليس ذلك خاصا باللذة والألم بل وسائر المدركات إنما يعلمها وإدراكها بمعنى العلم بها لا غيره إلا أنه ربما يقال مراده أنه يصح إطلاق لفظ مدرك عليه تعالى في سائر المدركات بمعنى العلم أو بمعنى الأمر الزائد على العلم، فيصح أن يقال يدرك الروائح ويدرك الطعوم ونحوها إلا الألم واللذة، فلا يصح أن يقال يدركهما لإيهامه الخطأ، بل يقال: يعلمها فذلك صحيح.

قلت: وكذلك الحرارة والبرودة إذ لا فرق.

الثالث: المدركات ثمانية: الأصوات، والأجسام، والألوان،والروائح،والطعوم، والحرارة، والبرودة، واللذة، والألم، فالثلاثة الأول يعبر عنها بسميع بصير وسامع مبصر ومدرك وعالم، والرابع والخامس يعبر عنهما بمدرك وعالم، والأربعة الأخيرة لا يصح فيها غير عالم على الصحيح، وإن أطلقوا العبارة أنه يعبر عن سائر المدركات بمدرك، فلا يسلم في الأربعة الأخيرة بما فيه من إيهام الخطأ، فالجسم يدرك بحاستين البصر واللمس، واللون يدرك بحاسة البصر فقط، والصوت بحاسة السمع فقط، والروائح بحاسة الشم فقط، والطعوم بحاسة الذوق فقط، والحرارة والبرودة إن كانا في غير جسم المدرك فبحاسة اللمس، وإن كانا في جسم المدرك فبالوجدان من النفس كالألم واللذة وما يعود إليهما كالجوع والعطش والشبع والري، وبهذا التفصيل تعلم أن الإدراك في حقه تعالى ليس إلا بمعنى العلم في جميعها كسائر المعلومات.

Page 218