Le Détecteur Fidèle sur les Joyaux du Contrat Précieux

Mohamed Mudacis d. 1351 AH
191

Le Détecteur Fidèle sur les Joyaux du Contrat Précieux

الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين

وأما ثانيا: فلأن الإدراك لو كان مقتضى عن الحيية مع وجود المدرك للزم أن ندرك المدركات الكثيرة الحاصلة دفعه لوجود الحياة ووجود المدرك وسلامة الحاسة، والمعلوم خلاف ذلك فإن الإنسان لا يقدر غالبا أن يدرك الصوتين أو اللونين في محلين إلا على جهة التعاقب، فكيف بإدراك الأصوات الكثيرة ولو كانت في الحضرة ما ذاك إلا أن الإدراك ليس مقتضى عن الحيية، بل عن استعمال الحاسة في المدرك لما كانت الحاسة كالآلة لا يمكن استعمالها إلا فيما هي آلة فيه في الغالب في أكثر من واحد، إلا على جهة التعاقب.

وأما ثالثا: فلأنهم جعلوا الإدراك في الشاهد مقتضى عن الحيية ولم يجعلوها كافية في اقتضائه، بل شرطوا معها وجود الحاسة في محل الإدراك وهو وجود البصر مثلا في الحدق،وشرطوا أيضا سلامته، وإذا كان هذا الاقتضاء شاهدا إنما حصل مع وجود الحاسة وسلامتها من الآفة بحيث لولا وجود الحاسة وسلامتها لما حصل، فلئن ينتفي الإدراك مع استحالة الحاسة من باب الأولى فيلزمهم أن الله تعالى ليس بمدرك، هذا ما أورده عليهم الشيخ محمود الملاحمي وهذا ظاهر، ولا ينقلب علينا. هذا ويقال: فأنتم جعلتم الإدراك مقتضى عن استعمال الحاسة في المدرك وذلك مستحيل في حق الله تعالى فينتفي حصول الإدراك في حقه تعالى من باب الأولى، لأنا نقول: لم نجعل الإدراك في حقه تعالى زائدا على العلم بالمدركات ولا جعلناه مشروطا بوجودها، ولا قلنا في السميع والبصير هما بمعنى حي لا آفة به فنوهم بنفي الآفة وجود الآلة مع سلامتها عن الآفة، ولا قلنا في السامع والمبصر والمدرك هي بمعنى حي لا آفة به عند وجود المسموع والمبصر وسائر المدركات، فنزيد في إيهام وجود الحاسة إيهام استعمالها في المدرك، لأنا لما قلنا: إن الجميع في حقه تعالى بمعنى عالم ويوصف بالجميع في الأزل لم يرد علينا شيء من ذلك.

Page 215