Le Détecteur Fidèle sur les Joyaux du Contrat Précieux
الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين
Genres
وذهب آخرون إلى أنه تعالى يعلم المشروط، والحق أنه إن علم تعالى أن الشرط سيحصل فهو يعلم المشروط أنه سيحصل، وإن علم أن الشرط لا يحصل أبدا فهو لا يعلم أن المشروط سيحصل وإنما يعلم أنه لا يحصل، فالأول: نحو أن يعلم الله تعالى أن زيدا سيصل رحمه فيزيده في عمره المفروض مع عدم الصلة كذا سنة فالمعلوم أنه سيزيده ذلك، فإن فرضنا أنه لا يصل رحمه فرضنا العلم السابق بأنه ما سيصل رحمه، فالمعلوم معه أنه سيميته على كمال العمر المجرد عن تلك الزيادة المشروطة بوقوع الصلة، الثاني: نحو الآيتين المذكورتين فهو تعالى يعلم عدم حصول المشروط وهو الإحباط في الأول، والتولي والامتلاء منهم رعبا في الثانية، ولا يعلم حصول تلك المشروطات بعدم علمه بحصول شروطها، وأما كيفية التعبير عند إرادة الإخبار بذلك فما علمناه يقينا أن الله قد فعله لحصول شرطه أو سيفعله عند حصول شرطه مما دلنا على أنه لا بد منه العقل أو السمع أو نحوهما معا، نحو الثواب والعقاب المشروطين بفعل أسبابهما من الطاعات والمعاصي وعدم تطرق المحبط والمكفر من المعاصي والتوبة، فيعبر عن الواقع بأن الله يعلم وقوعه ،وعن المنتفي بأن الله يعلم عدم وقوعه، وقد يعبر عن المنتفي بأن الله لا يعلمه مبالغة في انتفائه فيكون مجازا يفتقر إلى القرينة وإلى الإذن السمعي وعدم إيهام الخطأ ومنه قوله تعالى: {وجعلوا لله شركاء قل سموهم أم تنبؤنه بما لا يعلم في الأرض أم بظاهر من القول}، وقوله تعالى: {قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض}، {ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين}، وروي أن يهوديا قال لأمير المؤمنين عليه السلام: أخبرني عما لا يعلمه الله؟ وعما ليس لله ؟ وعما ليس عند الله؟، فقال عليه السلام: أما ما لا يعلمه الله فذلك قولكم يا معشر اليهود: عزير ابن الله، وأنه لا يعلم له ولدا؛ وأما ما ليس عند الله فليس عند الله ظلم للعباد؛ وأما ما ليس لله فليس لله شريك، فقال اليهودي: وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، والأولى التفصيل في جواز إطلاق ذلك وعدمه من المتكلم المخاطب باعتبار حال المخاطب، فإن كان خطابه بذلك لا يوقعه في الخطأ بتجويز الجهل عليه تعالى، وفي اتهام المخاطب باعتقاد ذلك جاز لما فيه من المبالغة في نفي ذلك الشيء على وجه البلاغة والفصاحة التي تزيد الكلام حسنا وطرافة حتى يقع له انفعال وتأثير في نفس المخاطب أو السامع كما في الآيات الكريمة، وإجابة أمير المؤمنين عليه السلام لذلك السائل والقرينة عقلية وورود ذلك دليل الإذن السمعي، وإن كان يوقعه في الخطأ المذكور أو يظن المتكلم نقل ذلك عنه إلى من يتهمه بذلك أو يحمله على الوجه الفاسد، فلا يجوز للقاعدة المقررة: أن ما أدى إلى القبيح فهو قبيح.
الثامن: قال القرشي وغيره من الزيدية وجمهور المعتزلة: المرجع بكون العالم عالما شاهدا أو غائبا إلى صفة زائدة على ذات الموصوف راجعة إلى الجملة في الشاهد وإلى الحي في الغائب.
وقال أبو الحسين ومحمود: المرجع بكون العالم عالما إلى تبين المعلوم ووضوحه للعالم شاهدا وغائبا؛ جعل أبو الحسين ذلك التبين صفة لقلب العالم في الشاهد ومزية في حق الغائب.
وقال جمهور أئمتنا عليهم السلام على رواية الأساس وموافقوهم: إن المرجع بكون العالم عالما إلى ثبوت ذات الباري تعالى ونفي الجهل عنه من دون ثبوت صفة زائدة على ذاته ولا حالة ولا مزية، وأما في الشاهد فمثل قول القرشي ومن وافقه: إن المرجع بكونه عالما إلى صفة راجعة إلى جملة الحي قائمة بالحي وهي الاعتقاد الجازم المطابق.
وقالت الأشعرية وغيرهم من سائر المجبرة: المرجع بذلك إلى مثل ما قلناه في الشاهد والغائب معا، فيجعلونها صفة معنوية شاهدا وغائبا، محدثة في الشاهد قديمة في الغائب، وسيأتي الاحتجاج للقول المختار وإبطال ما عداه بعد هذا قريبا إن شاء الله تعالى.
Page 149