Le Détecteur Fidèle sur les Joyaux du Contrat Précieux
الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين
Genres
ما علم الله أنه سيقع من أفعاله أو أفعال غيره
الخامس: أن ما علم الله سبحانه أنه سيقع من أفعاله أو أفعال غيره، فالعلم بذلك لا أثر له في تحصيل المعلوم وإخراجه من حيز العدم إلى حيز الوجود، وإلا لكان الفاعل غير الله وغير العبد وهو العلم سيما على قول من يجعل الصفات أمورا زائدة على الذات كالأشاعرة وغيرهم من أهل المعاني، وكالمعتزلة ونحوهم ممن يقول بالأحوال والمزايا والأمور الزائدة شاهدا وغائبا، لأن خاصية العلم هي مجرد وضوح المعلوم للعالم وعدم خفائه عليه سواء كان من فعله أو فعل غيره والدراية بكيفية فعل محكم فيما كان من فعله، فأما وجود الفعل وإخراجه من العدم إلى الوجود فذلك من خاصية الفاعل لا من خاصية العالم، فالعلم بأنه سيوجد لا يوجب وجوده.
قال المنصور بالله عبد الله بن حمزة عليه السلام: وإلا لزم أن الله تعالى مجبور على فعله تعالى الله عن ذلك، انتهى كلامه عليه السلام.
يزيده وضوحا أنا لو جعلنا حصول ما علم الله أنه سيوجد واجب الحصول وحصول ما علم سبحانه أنه لا يوجد من الممكنات في ذاتها مستحيل الحصول، لخرج الباري تعالى عن كونه قادرا لانقسام الأشياء بين واجب الحصول فلا قادرية له تعالى على تركه، ومستحيل الحصول فلا قادرية له تعالى على فعله، فعلم بذلك أن حصول الفعل وعدمه لا أثر فيه لجهة العالمية إذ لا تأثير لها إلا في وضوح الأشياء وكيفية إحكامها، ولا لجهة القادرية إذ لا أثر لها إلا التمكن من الفعل والترك معا، وإنما الأثر في حصوله لجهة الفاعلية، فلم يلزم حينئذ جهل ولا جبر ولا عجز في جانبي الفعل والترك لا في أفعاله تعالى ولا في أفعال عبيده التي يقدرون عليها، فتأمل ذلك فهو بحث نفيس مفيد في خروج الإشكالات والمحالات التي ترد على مسألتي قادر وعالم، وعلى أن العبد فاعل لأفعاله التي مكنه الله منها.
Page 145