* قال مقبل: فمتى متى جاز لهم أن يستدلوا بقول عمر لأنه موافق
لأهوائهم.
والجواب أنه ليس استدلالا بقول عمر بمعنى أنه حجة، وإنما
المقصود أنه قال: (( لو كان سالم حيا ما شككت فيه ))، ولم ينكره على عمر أحد من الصحابة، ولو كانوا قد سمعوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (( الأئمة من قريش )) لوجب عليهم أن يردوا على عمر فيقولوا: إن سالما ليس قرشيا، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (( الأئمة من قريش ))، فلما لم يردوا على عمر، دل ذلك على أن الحديث لم يكن وجد، وإنما وجد بعد ذلك لتثبيت ملك بني أمية وقطع أطماع من يخشى منه المنازعة في الملك، ممن ليس من قريش.
فأما تكثير الرواة فإن سياسة الدولة تستطيع الإجبار على مثل ذلك وأكثر من ذلك، ألا ترى أن زياد بن أبيه جمع من شهود الزور مائة شاهد وواحدا وخمسين شاهدا شهدوا على حجر بن عدي وأصحابه بالخلاف والدعوة إلى الفتنة والحرب، فشهدوا لما كان لزياد سلطان ودولة، وأمكنه مع سلطانه أن يكثر شهود الزور إلى هذا العدد الكبير.
وكذلك هارون الملقب الرشيد استطاع بسلطانه أن يجمع ألفا وثلاثمائة شاهد زور، فشهدوا أن يحيى بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي عليه السلام شهدوا أنه عبد لهارون، ليسلمه إليه ملك من الأعاجم كان صار إليه متشردا من هارون(1).
Page 24