والتحقيق أن الخلاف وقع في أبي بكر وعمر بسبب أنهم لما اثبتوا إمامة أمير المؤمنين علي عليه السلام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اختلفوا فيمن تقدمه، فمن العلماء الزيدية من توقف فيهم وقد حكم بأنهم أخطأوا، ومنهم من قطع بإثمهم. ومن المتأخرين من يتأول لهم، وذلك كله لاختلافهم في الدليل على إمامة أمير المؤمنين أهو نص جلي لايعذر المخالف له لوضوحه، أم هو ظاهر يحتاج إلى نظر وتأمل؟ فلا يقطع بإثم المخالف له إذا لم يعلم معناه، ولكن هل يعذر في التقصير في النظر أو لايعذر، ومنهم من تأول لهم أنهم قد فهموا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لكنه يرى أنهم تأولوا ذلك على أنه رأي دنيوي يجري مجرى تدبير الحروب لاحكم شرعي.
ولسنا بصدد الترجيح بين الأقوال فإن الله تعالى يقول: {تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولاتسألون عما كانوا يعملون}(1)، والمهم أن يعرف المنصف أن الزيدية أخذوا مذهبهم عن الأدلة لامن ابن السوداء ولا من إيران.
ونقول لمقبل وأضرابه كما قال نبي الله يوسف عليه السلام: {أنتم شر مكانا والله أعلم بما تصفون}(2) لما قالوا: {إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل}(3).
فنقول: معظم أئمة مقبل من إيران ولكن البلدان لادخل لها في تصحيح مذهب ولا في إفساده وإنما العمدة الدليل، فلينظر المنصف كتب الزيدية وأدلتهم فيها ليعرف أنهم اعتمدوا الأدلة لا ابن السوداء ولا إيران ولا أبا الجارود.
Page 14