Découverte des Difficultés

Ibn al-Jawzi d. 597 AH
131

Découverte des Difficultés

كشف المشكل من حديث الصحيحين

Chercheur

علي حسين البواب

Maison d'édition

دار الوطن

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

1418 AH

Lieu d'édition

الرياض

وَقد دلّ هَذَا الحَدِيث على اسْتِحْبَاب التنظف من الأقذار عِنْد النّوم، لِأَن الْإِنْسَان لَا يكَاد يتَوَضَّأ حَتَّى يغسل مَا بِهِ من أَذَى. وَإِنَّمَا أَمر بذلك عِنْد النّوم لِأَن الْمَلَائِكَة تبعد عَن الْوَسخ وَالرِّيح الكريهة، وَالشَّيَاطِين تتعرض بالأنجاس والأقذار. وَقَالَ عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ: إِن الْأَرْوَاح يعرج بهَا فِي منامها إِلَى السَّمَاء، فتؤمر بِالسُّجُود عِنْد الْعَرْش، فَمَا كَانَ مِنْهَا طَاهِرا سجد عِنْد الْعَرْش، وَمَا لَيْسَ بطاهر سجد بَعيدا عَن الْعَرْش. ثمَّ إِن الْوضُوء يُخَفف الْحَدث، وَلِهَذَا يجوز عندنَا للْجنب إِذا تَوَضَّأ أَن يجلس فِي الْمَسْجِد. ٧٤ - / ٨١ - وَفِي الحَدِيث الثَّالِث: قَالَ عمر: يَا رَسُول الله، أصبت أَرضًا لم أصب مَالا أحب إِلَيّ وَلَا أنفس عِنْدِي مِنْهَا، فَقَالَ: " إِن شِئْت تَصَدَّقت بهَا ". فَتصدق بهَا عمر: على أَن لَا تبَاع وَلَا توهب، فِي الْفُقَرَاء وَذَوي الْقُرْبَى الرّقاب والضيف وَابْن السَّبِيل، لَا جنَاح على من وَليهَا أَن يَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ غير مُتَمَوّل مَالا، وَيطْعم. أنفس بِمَعْنى أفضل. وَإِنَّمَا نبهه على التَّصَدُّق بهَا عِنْد قَوْله: إِنِّي لم أصب مَالا أحب إِلَيّ مِنْهَا؛ لِأَن الْفَضَائِل لَا تنَال إِلَّا ببذل الأحب، قَالَ الله تَعَالَى: ﴿لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون﴾ [آل عمرَان: ٩٢] . وَفِي هَذَا الحَدِيث من الْعلم أَن الرجل إِذا وقف وَقفا فَأحب أَن يشْتَرط لنَفسِهِ أَو لغيره فِيهِ شرطا سوى الْوَجْه الَّذِي جعل الْوَقْف فِيهِ، كَانَ لَهُ ذَلِك، وَعِنْدنَا أَنه إِذا وقف على غَيره وَاسْتثنى أَن ينْفق على نَفسه حَيَاته صَحَّ. وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَمُحَمّد: لَا يَصح. وَقد دلّ حَدِيث عمر على صِحَة مَذْهَبنَا؛ لِأَنَّهُ قَالَ: لَا جنَاح على من وَليهَا أَن يَأْكُل. وَإِنَّمَا ولي هَذِه الأَرْض عمر.

1 / 129