بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الكتاب: كشف المعانى فى المتشابه من المثانى
المؤلف: شيخ الإسلام / بدر الدين محمد بن إبراهيم بن جماعة الشافعي (المتوفى ٧٣٣ هـ)
الناشر: دار الوفاء - المنصورة
الطبعة الأولى
عام النشر: ١٤١٠ هـ / ١٩٩٠ م
عدد الأجزاء: ١
تحقيق: الدكتور عبد الجواد خلف
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الكتاب محول عن طريق القارىء الآلى
قام بتحويله الأخ المفضال: أبو عبد الله السنى (جزاه الله خيرا)
وقام الفقير إلى عفو ربه القدير بتصحيحه وتصويبه مع ضيق الوقت
نسأل الله القبول
1 / 82
- ص ٢٧ - سورة الفاتحة
٨٣
بسم الله الرحمن الرحيم
٩ - مسألة:
إذا كان المراد بالبسملة الاستعانة به تعالى، فما فائدة إقحام
الاسم بين الباء وبين لفظة الجلالة مع أن الاستعانة به لا بنفس الاسم (١)؟ .
جوابه:
أن القصد به التعظيم والإجلال لذاته تعالى، ومنه: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى
و(تبارك اسم ربك) .
لم اختصت البسملة بهذه الأسماء الثلاثة؟
أما الأول: فلأنه اسم المعبود المستحق للعبادة دون غيره،
_________
(١) معنى الحال: لماذا قيل: باسم الله، ولم يقل بالله وهو أصل التعبير لأن الاستعانة بالله لا بالاسم.
1 / 83
والموجد لعباده. والثاني والثالث: تنبيه على المقتضى لسؤال
الاستعانة به، وهو سعة رحمته لعباده.
٣ - مسألة: فما فائدة إعادتها ثانيا بعد الحمد؟
جوابه:
التنبيه على الصفات المقتضية لحمده وشكره وهي: سعة رحمته تعالى لعباده، ولطفه، ورزقه، وأنواع نعمه.
فالأول: توكيد الاستعانة، والثاني: توكيد الشكر.
وهذه الآية
جمعت ما لم يجتمع في آية غيرها، وهو:
أنها آية مستقلة في الفاتحة عند من قال به.
وهي بعض آية في النمل.
وربعها الأول بعض آية في: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ.
ونصفها الأول بعض آية في هود: (بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا. وربعها الثاني بعض آية فى الرحمن: (الرَّحْمَنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ) ونصفها الثانى آية فى الفاتحة، وبعض آية فى سورة البقرة هو: (الرحمن الرحيم)
1 / 84
٥ - مسألة:
(الرحمن الرحيم)؟
ذكر المفسرون في إيراد الاسمين مع اتحاد المعنى فيهما معاني كثيرة مذكورة في كتب التفسير لم نطل بها هنا.
وأحسن ما يقال مما لم أقف عليه في تفسير: أن (فعلان) صيغة مبالغة في كثرة الشىء وعظمه، والامتلاء منه، ولا يلزم منه الدوام لذلك، كغضبان، وسكران، ونومان. وصيغة (فعيل) لدوام الصفة، ككريم، وظريف.
فكأنه قيل: العظيم الرحمة، الدائمها.
ولذلك: لما تفرد الرب سبحانه بعظم رحمته لم يسم بالرحمن وبالألف واللام) (١) غيره.
ما فائدة تقديم الرحمن على الرحيم؟ .
جوابه:
لما كانت رحمته في الدنيا عامة للمؤمنين والكافرين: قدم
الرحمن) .
وفى الآخرة دائمة لأهل الجنة لا تنقطع قيل: الرحيم ثانيا. ولذلك يقال: رحمن الدنيا، ورحيم الآخرة.
_________
(١) هذا المعنى اللطيف من المعاني التي تفرد بذكرها واستنباطها مؤلف هذا الكتاب
العلامة بدر الدين بن جماعة بشهادة تلميذه تاج الدين السبكى في كتابه طبقات الي الشافعية الكبرى ج ٥: ٢٣٢.
1 / 85
٦ - مسألة:
ما فائدة العدول من الغيبة إلى الخطاب - ص ٢٨ - في قوله تعالى: وإياك نعبد*؟
جوابه: أن الخطاب للحاضر، والاستعانة به أقرب إلى حصول المطلوب من خطاب الغائب والله أعلم.
٧ - مسألة:
إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ؟ .
جوابه ١١):
كررت إياك المفيدة للحصر إذا تقدمت: للتصريح بتوكيد حصر الإخلاص في العبادة له، وحصر الاستعانة أيضا به تعالى.
٨ - مسألة:
كرر لفظ (الصراط) ثانيا؟ .
جوابه ٢):
لبيان وصف سالكيه المنعم عليهم.
فالأول: وصفه بالاستقامة.
والثاني: بوصف سالكيه من السفرة والصديقين.
ولما كان الطريق تقتضي الرفيق نبه تعالى عليه بقوله تعالى:
(وحسن أولئك رفيقا.
1 / 86
٩ - مسألة:
(صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ؟ .
جوابه:
تصريح بإضافة النعم إليه دون الغضب، فلذلك لم يقل: غير الذين غضبت عليهم كما قال أنعمت عليهم، وهو من باب الأدب من السائل في حال السؤال ومنه: ببيدك الخير ولم يقل والشر، ونبه على ضده بقوله: إنك على كل شىء قدير*.
سورة البقرة
١٠ - مسألة:
قوله تعالى: لا ريب فيه، وقد أخبر الله بشك الكفار فيه وريبهم في مواضع؟ .
جوابه:
أنه لظهور أدلته ظاهر عند من نظر فيه لا ريب فيه عنده، وريبهم فيه لعدم نظرهم في أدلة صحته وفيه.
1 / 87
١١ - مسألة:
قوله تعالى: (يؤمنون بالغيب، وقال تعالى: قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله
(١)، وما لا يعلم كيف يؤمن به.
جوابه:
أن المراد: الغيب الذي دل البرهان على صحته ووقوعه
كالقيمة مثلا والجنة والنار.
١٢ - مسألة:
قوله تعالى: (هُدًى لِلْمُتَّقِينَ- الآية؟ وفى لقمان:
هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ؟ .
جوابه:
لما ذكر هنا مجموع الإيمان، ناسب: (الْمُتَّقِينَ)، ولما ذكر ثم
الرحمة ناسب: (المحسنين) .
١٣ - مسألة:
قوله تعالى: سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ وفى يس (وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ)
بواو العطف؟ .
جوابه:
أنه هنا في جملة اسمية، وفى يس جملة مستقلة معطوفة على
جمل فجاءت بواو العطف.
١٤ - مسألة:
قوله تعالى: خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ -
الآية، وكذلك في جميع القرآن قدم السمع على البصر،
1 / 88
ما فائدته؟ .
جوابه:
أن السمع أشرف لأن به تثبت النبوات، وأخبار الله تعالى،
وأوامره، ونواهيه، وأدلته، وصفاته تعالى، بخلاف البصر.
وكذلك لم يبعث الله نبيا أصم أصلا، وفى الأنبياء من كان مكفوفا.
١٥ - مسألة:
قوله تعالى: (مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ)
كرر العامل مع حرف العطف في الإثبات؟ .
جوابه:
أنه حكاية قول المنافق، أنه أكد ذلك نفيا للتهمة عن نفسه
فأكذبهم الله تعالى بقوله: (وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ وأكده بالياء.
١٦ - مسألة:
كيف طابق قوله تعالى: (وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ وهو نفى الصفة لقوله: (آمَنَّا) وطباقه: وما آمنوا؟ .
جوابه:
أن الفعل المضارع مؤذن بالصفة في قول من يقول، فطابقه
نفي الصفة التي ادعوها بقوله: وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ
١٧ - مسألة:
قوله تعالى: فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ، ولم يقل خسرت مع أن
1 / 89
الخسران أبلغ في التوبيخ؟ .
جوابه:
أن هم المشترى للتجارة حصول الربح، وسلامة رأس المال،
فبدأ بالأهم فيه وهو نفى الربح، ثم أتى بما يدل على الخسران
بقوله: (وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ * فنفى ما هما المقصودان بالتجارة.
١٨ - مسألة:
قوله تعالى: كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ (١)، ثم قال:
(ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ) ٢١) ولم يقل بضيائهم مع ما فيه من بديع المطابقة؟ .
جوابه:
أن الضياء أبلغ من النور ولا يلزم من ذهابه ذهاب النور،
بخلاف عكسه فذهاب النور أبلغ في نفى ذلك.
١٩ - مسألة:
قوله تعالى: (ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ) جمع الظلمات، وأفرد الرعد والبرق؟ .
جوابه:
أن المقتضى للرعد والبرق واحد وهو: السحاب
والمقتضى للظلمة متعدد وهو: الليل والسحاب والمطر، فجمع لذلك.
٢٠ - مسألة:
قوله تعالى: (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ، وفى يونس:
1 / 90
بسورة مثله " وفى هود " بعشر سور مثله "
جوابه:
لما قال هنا: (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا*
أنه من عند الله فأتوا بسورة من أمى مثله لا يكتب ولا يقرأ.
وفى يونس لما قال: (أم يقولون افتراه قل فأتوا* أنتم
بسورة مثله أي: فأنتم الفصحاء البلغاء فأتوا بسورة مثل القرآن في بلاغته وفصاحته، واقرءوا مثله وبذلك علم الجواب في هود.
٢١ - مسألة:
قوله تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ* وفى النازعات: (ؤالأرض بعد ذلك دحاها (٤)؟
ظاهر آية البقرة، وحم السجدة (٥) تقدم خلق الأقوات، وظاهر النازعات تأخره؟ .
جوابه:
أن (ثم) (٦) هنا لترتيب الأخبار لا لترتيب الوقوع، ولا يلزم من ترتيب الأخبار ترتيب الوقوع، كقوله تعالى: (ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ.
ولا ريب في تقديم إيتاء موسى الكتاب على وصيته لهذه الأمة.
1 / 91
٢٢ - مسألة:
قوله تعالى: " أبى واستكبر وكان من الكافرين " فجاء هنا مجملا وفى بقية السور مفصلا؟ .
جوابه:
لما تقدم التفصيل في السورة المكية أجمله في السورة
المدنية وهي البقرة اكتفاء بما تقدم علمه من التفصيل في
المكيات.
٢٣ - مسألة:
قوله تعالى: وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا وفى الأعراف: (فكلا) بالفاء؟ .
جوابه:
قيل إن السكنى فى البقرة: للإقامة، وفى الأعراف اتخاذ المسكن.
فلما نسب القول إليه تعالى: (وَقُلْنَا يَا آدَمُ) ناسب زيادة الإكرام بالواو الدالة على الجمع بين السكنى والأكل، ولذلك قال فيه: (رغدا)، وقال: (حَيْثُ شِئْتُمَا) لأنه أعم.
وفى الأعراف: وَيَا آدَمُ، فأتى بالفاء الدالة على ترتيب
1 / 92
الأكل على السكنى المأمور باتخاذها، لأن الأكل بعد
الاتخاذ، و(من حَيْثُ) لايعطى عموم معنى (حَيْثُ شِئْتُمَا.
٢٤ - مسألة:
قوله تعالى: فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ (١)، وفى طه: (فَمَنْ اتبِعَ هُدَايَ)؟ .
جوابه: يحتمل والله أعلم أن: فعل التي جاء على وزنها: تبع)
لا يلزم منه مخالفة الفعل قبله.
وافتعل التي جاء على وزنها: اتبع) يشعر بتجديد
الفعل.
وبيان قصة آدم هنا لفعله، فجئ ب تَبِعَ هُدَايَ* وفى
طه جاء بعد قوله: (وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى
فناسب من اتبع، أي: جدد قصد الاتباع.
٢٥ - مسألة:
قوله تعالى: (وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ.
الخطاب ليهود المدينة، وقد قال تعالى لأهل مكة قبلهم " قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (٥)؟ .
1 / 93
جوابه:
أن يكون ضمير [به] راجعا إلى [ما معكم] لأنهم كانوا
يعلمون من كتابهم صفته، وهم أول يهود خوطبوا بالإسلام،
وأول كافر به من أهل الكتاب.
٢٦ - مسألة:
قوله تعالى: (وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا (١)
ما فائدة قليلا، والكثير كذلك؟ .
جوابه:
فيه مزيد الشناعة عليهم لأن من يشترى الخسيس بالنفيس لا معرفة له ولا نظر.
٢٧ - مسألة:
قوله تعالى: (وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ. وقال بعد ذلك: (وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ.
ما فائدة التقديم والتأخير والتعبير بقبول الشفاعة، تارة، والنفع أخرى؟ .
جوابه:
أن الضمير في منها راجع في الأولى إلى (النفس) الأولى،
وفى الثانية راجع إلى (النفس) الثانية. كأنه بين في الآية
1 / 94
الأولى أن النفس الشافعة الجازية عن غيرها لا تتقبل منها
شفاعة، ولايؤخذ منها عدل.
ولأن الشافع يقدم الشفاعة على بذل العدل عنها.
ويبين في الآية الثانية أن النفس المطلوبة بجرمها لا يقبل منها
عدل عن نفسها، ولا تنفعها شفاعة شافع فيها، وقد بذل العدل للحاجة إلى الشفاعة عند رده.
فلذلك كله قال في الأولى: لا يقبل منها شفاعة، وفى الثانية: ولا تنفعها شفاعة لأن الشفاعة إنما تقبل من الشافع، وإنما تنفع المشفوع له.
٢٨ - مسألة:
قوله تعالى: (وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ
وفى إبراهيم: (وَيُذَبِّحُونَ بالواو وفى الأعراف: (يقتلون؟ .
جوابه:
أنه جعل (يذبخون - هنا بدلا من يسومونكم، وخص الذبح بالذكر لعظم وقعه عند الأبوين، ولأنه أشد على النفوس. وفى سورة إبراهيم تقدم قوله تعالى: (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ) فناسب العطف على سوم العذاب للدلالة على أنه نوع آخر، كأنه قال: يعذبونكم ويذبحون، ففيه
1 / 95
يعدد أنواع النعم التي. أشير إليها بقوله تعالى: (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ) .
وقد يقال: آية البقرة والأعراف من كلام الله تعالى لهم فلم
يعدد المحن.
وآية إبراهيم من كلام موسي ﵇ فعددها.
وقوله تعالى: (يقتلون، هو في تنوع الألفاظ، ويحتمل
أنه لما تعدد هنا ذكر النعم أبدل: (يذتحون) من
(يسومون)، وفى إبراهيم عطفه ليحصل نوع من تعدد
النعم ليناسب قوله تعالى: اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ.
٢٩ - مسألة:
قوله تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ
وفى الأعراف: (وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ.
جوابه:
هي اختلاف ألفاظ الآيتين، وفائدة مناسبتهما مع قصد التنويع في الخطاب.
1 / 96
أما آية البقرة: فلما افتتح ذكر بنى إسرائيل بذكر نعمه عليهم
بقوله تعالى: يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ
ناسب ذلك نسبة القول إليه، وناسب قوله (رغدا
لأن النعم به أتم.
وناسب تقديم (وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا*، وناسب
(خطاياكم لأنه جمع كثرة، وناسب الواو في (وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ* لدلالتها على الجمع بينهما وناسب الفاء في
(فكلوا) لأن الأكل مترتب على الدخول فناسب مجيئه
بالواو.
وأما آية الأعراف: فافتتحت بما فيه توبيخهم وهو قولهم:
(اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ، ثم اتخاذهم العجل، فناسب
ذلك ة (وإذ قيل لهم*.
وناسب ترك (رغدا* والسكنى بجامع الأكل، فقال: (كلوا*.
وناسب تقديم ذكر مغفرة الخطايا، وترك الواو في (سنريد.
٣٠ - مسألة:
قوله تعالى: (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا.
وفى الأعراف: فبدل
1 / 97
الذين ظلموا منهم.
وقال: (فأرسلنا عليهم.
وقال هنا: (يفسقون وفى الأعراف: (يظلمون؟
جوابه:
لما سبق في الأعراف تبعيض الهادين بقوله تعالى: (وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ)
ناسب تبعيض الظالمين منهم
بقوله تعالى: (الذين ظلموا منهم. ولم يتقدم مثله في البقرة.
وقوله: عليهم (١) . ليس فيه تصريح بنجاة غيرهم.
وفى البقرة إشارة إلى سلامة غير (الذين ظلموا) لتصريحه
بالإنزال على المتصفين بالظلم والإرسال أشد وقعا من الإنزال.
فناسب سياق ذكر النعمة ذلك في البقرة.
وختم آية البقرة ب (يفسفون ولا يلزم منه الظلم، والظلم
يلزم منه الفسق، فناسب كل لفظ منهما سياقه.
٣١ - مسألة:
قوله تعالى: (فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا)
وفى الأعراف: (فانبجست)؟
جوابه:
قيل إن الانبجاس دون الانفجار، وأن الانفجار أبلغ في كثرة الماء فعلى هذا:
1 / 98
أن سياق ذكر نعمته اقتضى ذكر الانفجار، ونسبه.
وقيل: هما بمعنى واحد، فيكون من تنويع الألفاظ والفصاحة.
٣٢ - مسألة:
قوله تعالى: (وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ.
وقد قال تعالى: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا)؟
جوابه:
في سورة غافر.
٣٣ - مسألة:
قوله تعالى: (بِغَيْرِ الْحَقِّ) .
وقد قال في آل عمران: (بغير حق)
فعرف هنا ونكر ذلك؟
جوابه:
أن آية البقرة: نزلت في قدماء اليهود بدليل قوله تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ.
والمراد " بغير الحق " الموجب للقتل عندهم، بل قتلوهم ظلما وعدوانا.
وآيات آل عمران: في الموجودين زمن النبي ﷺ.
1 / 99
بدليل قوله تعالى: (فبشرهم بعذاب أليم، وبقوله تعالى: إن الذين يكفرون بآيات الله ويقولون
وبدليل قوله تعالى في الثانية: لن يضروكم إلي أذى -
الآية.
لأنهم كانوا حرصاء على قتل النبى ﷺ، ولذلك سموه، ولكن الله تعالى. عصمه منهم فجاء منكرا ليكون أعم فتقوى الشناعة عليهم والتوبيخ لهم، لأن قوله تعالى: (بغبر حق) بمعنى قوله ظلما وعدوانا.
وهذا هو جواب من قال: ما فائدة قوله: بغير الحق، أو: بغير حق والأنبياء لايقتلن إلا بغير حق.
٣٤ - مسألة:
قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ (٤)
وقال فى المائدة والحج: (والصابئون وَالنَّصَارَى) .
قدم النصارى فى البقرة، وأخرهم فى المائدة والحج
جوابه:
أن التقديم قد يكون بالفضل والشرف، وقد يكون بالزمان.
1 / 100
فروعي في البقرة تقديم الشرف بالكتاب، لأن الصابئين لا
كتاب لهم مشهود ولذلك قدم: (الَّذِينَ هَادُوا) في جميع
الآيات. وإن كانت الصابئة متقدمة في الزمان.
وأخر النصارى في بعضها: لأن اليهود موحدون (١)
والنصارى مشركون، ولذلك قرن النصارى فى الحج
بالمجوس والمشركين، فأخرهم لإشراكهم بمن بعدهم في الشرك،
وقدمت الصابئون عليهم في بعض الآيات لتقدم زمانهم
عليهم.
وقول بعض الفقهاء: إن الصابئة فرقة من النصارى باطل لا
أصل له.
٣٥ - مسألة:
ثم قال: مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ.
جوابه:
المراد: من استمر على إيمانه، أو من أظهر منهم الإيمان ولم
يعمل به.
والمراد بمن آمن: من عمل بتكميل إيمانه ومات عليه.
٣٦ - مسألة:
قوله تعالى: (وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)
1 / 101