[له] (١)، ولا كان الصحابة يقصدون الدعاء عند قبر النبي ﷺ، ولا عند قبر غيره من الأنبياء، وإنما كانوا يصلون عليهم ويسلمون على النبي ﷺ وعلى صاحبيه، فاتفق الأئمة على أنه إذا دُعي (٢) في مسجد النبي ﷺ أنه لا يستقبل قبره. وتنازعوا عند السلام عليه، فقال مالك وأحمد وغيريهما: يستقبل قبره ويسلم عليه، وهو الذي ذكره أصحاب (٣) الشافعي، وقال مالك –فيما ذكره إسماعيل بن إسحاق في "المسبوط" والقاضي عياض وغيريهما-: لا أرى أن يقف عند قبر النبي ﷺ، ولكن يسلم/ ويمضي، وقال في "المبسوط": (لا بأس لمن قدم من سفر، أو خرج أن يقف على النبي ﷺ (٤ ويصلي ويسلم على النبي صلى الله عليه وسلم٤) (٤)، ويدعو له ولأبي بكر وعمر، فقيل له: إن ناسًا من أهل المدينة يفعلون ذلك في اليوم مرة أو أكثر، فيسلمون ويدعون ساعة، فقال: لم يبلغني [هذا] (٥) عن أحد من أهل الفقه (٦) ببلدنا، ولم يبلغني عن أول هذه الأمة وصدرها أنهم كانوا يفعلون ذلك، إلا من جاء من سفر أو أراده) .
قال: (وقد تقدم من الآثار عن السلف ما يوافق هذا من أنهم إنما كانوا يستحبون عند قبر (٧) النبي ﷺ ما هو من جنس الدعاء له، كالصلاة والسلام، ويكرهون قصده للدعاء والوقوف عنده، وليس في أئمة المسلمين من استحب