الحديث -يعني: هذا-، قال ابن عدي: والذي حمل الإمامَ أحمدَ بنَ حنبلٍ عليه من أجل اللفظ في القرآن، فأما في الحديث، فلم أر به بأسًا (١).
وأما المالكية، فلم يقولوا بالتتريب أصلًا، مع إيجابهم السبْعَ على المشهور عندهم؛ لأن التتريب لم يقع في رواية مالك، وقد صحت فيه الأحاديث، فالعجب منهم كيف لم يقولوا بها، وعن مالك رواية أن الأمر بالتسبيع للندب، والمعروف عنده أنه للوجوب، لكنه للتعبد؛ لكون الكلب طاهرًا عندهم، وعن مالك رواية: أنه نجس، لكن قاعدته أن الماء لا ينجس إلا بالتغير، فلم يجب التسبيع للنجاسة، بل للتعبد، ويرد عليهم قوله ﷺ في صدر هذا الحديث فيما رواه مسلم وغيره: "طَهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ"؛ لأن الطهارة تستعمل إما عن حدث أو خبث، ولا حدث على الإناء، فتعين الخبث.
وأجابوا بمنع الحصر؛ لأن التيمم لا يرفع الحدث، وقد قيل: طهور المسلم، ولأن الطهارة تطلق على غير ذلك؛ كقوله - تعالى -: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ﴾ [التوبة: ١٠٣]، وقوله ﷺ: "السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ" (٢).
والجواب عن الأول: بأن التيمم ناشىءٌ عن حدثٍ، فلما قام مقامَ ما يُطهر الحدث، سُمي طَهورًا، ومن يقول بأنه يرفع الحدث يمنع هذا الإيراد من أصله.