اِسْتَغْنِ مَا أَغنَاك رَبُّكَ بِالْغِنَى ... وَإِذَا تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ فَتَجَمَّلِ
(تَوَضأَ أَحَدُكُمْ) معشرَ المسلمين الوضوءَ الشرعي (فَلْيَجْعَلْ في أَنْفِهِ) المعلومِ، وهو المَعْطِسُ، والجمع: آنافٌ وأُنوف وأُنُفٌ (ماءً) مفعولُ يجعلْ، وهو جوهرٌ سيالٌ يتلون بلونِ إنائه، ويُجمع على: مِياه، وهمزتُه منقلبةٌ عن هاء، فأصلُه: مَوْهٌ، وجمعه في القِلة: أَمْواهٌ، وهو اسمُ جنسٍ، وإنما يُجمع لكثرة أنواعه، وسقطت لفظة "ماء" من البخاري في غير رواية أبي ذر، وكذا اختلف رواة "الموطأ" في إسقاطِها، وذكرِها، وثبتت لمسلم من رواية سفيانَ عن أبي الزناد (١)، (ثُم) بعدَ استنشاقه به، وهو إدخالُه في الأنف (لْيَنْتَثِرْ)، كذا لأبي ذرٍّ والأصيلي بوزن: ليفتعلْ، ولغيرهما "ثُم لِيَنْثُرْ" بمثلثة مضمومة بعد النون الساكنة، والروايتان لأصحاب "الموطأ" - أيضًا -.
قال الفراء: يُقال: نَثَرَ الرجلُ وانْتَثَرَ واسْتَنْثَرَ: إذا حرك النَّثْرَةَ، وهي طرفُ الأنف في الطهارة (٢)، وفيه دليلٌ لوجوب الاستنشاق، وهو مذهبُنا، خلافًا لمالكٍ والشافعي في الطهارتين، ولأبي حنيفةَ في الصغرى.
قال عبدُ اللهِ بنُ الإمامِ أحمدَ ﵄: قال أبي: رُوي عن ابن عباس ﵄، عن النبي ﷺ: أنه قال: "اسْتَنْثِرُوا مَرَّتَيْنِ