ولك أن تقول: اختيار به وصفا بسلب الضرورية لا إثباتا لاختيار تقدمه عدم، كما تقول: حي وتريد نفي الموت لا إثبات الروح والجسد، ومثال صفاته في الشاهد الإحراق الموجود في النار بأنه ذاتي لها إلا أنه بالطبع، وطابعه الله تعالى، إلا أن الله عز وجل وتعالى عن صفات الخلق عالم فاعل مختار لا بطبع ولا مضطر، ولا بد أن نقف ونؤمن بذلك هكذا، وليس وراء ذلك إدراك، كما نسلم أنه غير مجبر لخلقه، ونؤمن بذلك مع اعتقادنا أنه خالق لفعل الفاعل، وخالق لخطوره بباله لاهتمامه به ولعزمه عليه.
وكما قال بعض العلماء: إن نعم أهل الجنة وعذاب أهل النار وتنفساتهم وأحوالهم مع أنه لا ينتهي محصورة، والعقل لا يقبل ما لا يتناهى.
وسئل كرمه الله: هل ذاته إثباته أو ثباته؟
الجواب: إذا ثبتت هذه العبارة فمعناها أنه عز وجل موجود، ونعرفه بمجرد اعتقاد ثبوته بصفاته وأفعاله لا بشيء نشاهده سوى مخلوقاته.
وسئل عن هذه العبارة: لم يزل الله عالما قادرا وهكذا في صفاته كلها؟.
الجواب: نعم يجوز ذلك. وأما لم يزل رازقا خالقا وهكذا في أفعاله كلها فلا أجيزه لإيهامه قدم أفعاله ومخلوقاته، وإن قاله معنا عالم معناه لم يزل <1/ 37> عالما بأن سيخلق وسيرزق ولم يزل قادرا على ذلك، وذلك أنه يجوز في حق الله الأزل، وهو كون الله ولا شيء معه. وإذا قال قائل بأنه لم يزل يخلق الأشياء فتفنى فقد نفى الأزل ونفيه إشراك.
وقال أيضا: وأما سؤالك: هل يجوز أن يقال إن الله عز وجل اصطفى إبراهيم عليه السلام اصطفاء أزليا أم لا كما لا يجوز أمر ونهى؟
Page 35