الآخر فرقوا بين الصلاة والزكاة فأقروا بالصلاة وأنكروا فرض الزكاة ووجوب أدائها إلى الإمام وقد كان في ضمن هؤلاء المانعين للزكاة من كان يسمح بالزكاة ولا يمنعها إلا أن رؤساءهم صدوهم عن ذلك الرأي وقبضوا على أيديهم في ذلك كبني يربوع، فإنهم جمعوا صدقاتهم وأرادوا أن يبعثوا بها إلى أبي بكر فمنعهم مالك بن نويرة من ذلك وفرقها فيهم وفي أمر هؤلاء عرض الخلاف، ووقعت الشبهة لعمر –﵁ فراجع أبا بكر –﵁ وناظره واحتج عليه بقول النبي –ﷺ: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم نفسه وماله" وأن هذا كان من عمر تعلقًا بظاهر الكلام قبل أن ينظر في آخره ويتأمل في شرائطه، فقال أبو بكر: الزكاة حق المال يريد أن القضية قد تضمنت عصمة دم ومال معلقة بإيفاء شرائطها، والحكم المعلق بشرطين لا يحصل بأحدهما والآخر معدوم ثم قايسه بالصلاة وردوا الزكاة إليها وكان في ذلك من قوله دليل على أن قتال الممتنع من الصلاة كان إجماعًا من الصحابة –﵃، ولذلك ردوا المختلف فيه إلى المتفق عليه، فلما استقر عندهم صحة رأي أبي بكر –﵁ وبان لعمر صوابه تابعه على قتال القوم، وهو معنى قوله فلما رأيت الله شرح صدر أبي بكر للقتال، عرفت أنه الحق، يريد انشراح صدره بالحجة التي أدلى بها والبرهان للقتال، عرفت أنه الحق، يريد انشراح صدره بالحجة التي أدلى بها والبرهان الذي أقامه نصًا ودلالة. انتهى.
فتأمل هذا الباب الذي ذكره النووي –رحمه الله تعالى- وهو إمام الشافعية على الإطلاق تجده صريحًا في رد شبهتكم أن من قال لا إله إلا الله محمد رسول الله يباح دمه وماله، وأن ترك الصلاة والزكاة فالترجمة نفسها صريحة في قولكم، فإنه صرح بالأمر بالقتال على ترك الصلاة، ومنع الزكاة، وتأمل
1 / 60