قال: "من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى" إذا عرف هذا فالذي نعتقده وندين به الله أن دعا نبيًا أو وليًا أو غيرهما وسأل منهم قضاء الحاجات وتفريج الكربات، أن هذا من أعظم الشرك الذي كفر الله به المشركين حيث اتخذوا أولياء وشفعاء يستجلبون بهم المنافع ويستدفعون بهم المضار بزعمهم قال الله تعالى: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ﴾ فمن جعل الأنبياء أو غيرهم كابن عباس أو المحجوب أو أبي طالب وسائط يدعوهم ويتوكل عليهم ويسألهم جلب المنافع بمعنى أن الخلق يسألونهم وهم يسألون الله كما أن الوسائط عند الملوك يسألون الملوك حوائج الناس بقربهم منهم، والناس يسألونهم أدبًا منهم أن يباشروا سؤال الملك أو لكونهم أقرب إلى الملك، فمن جعلهم وسائط على هذا الوجه فهو كافر مشرك حلال الدم والمال، وقد نهص العلماء –﵏ على ذلك وحكموا عليه الإجماع قال في الإقناع وشرحه: من جعله بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويتوكل عليهم ويسألهم كفر إجماعًا؛ لأن ذلك كفعل عابدي الأصنام قائلين ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى، وقال الإمام أبو الوفاء بن عقيل الحنبلي –رحمه الله تعالى- لما صعبت التكاليف على الجهال والطغام عدلوا عن أوضاع الشرع إلى تنظيم أوضاع وضعوها لأنفسهم فسهلت عليهم إذ لم يدخلوا بها تحت أمر غيرهم قال وهم عندي كفار بهذه الأوضاع مثل تعظيم القبور وإكرامها وإلزامها بما نهى عنه الشرع من إيقاد النيران وتقبيلها وتخليقها وخطاب الموتى بالحوائج وكتب الرقاع فيها يا مولاي افعل بي كذا وكذا وأخذ تربتها تبركًا وإفاضة الطيب على القبور وشد الرحال إليها وإلقاء الخرق على الشجر اقتداء بمن عبد اللات والعزى. انتهى.
قال الإمام البكري الشافعي –﵀ في تفسيره عند قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ
1 / 45