عما سوى الله وإثبات ذلك لله سبحانه على وجه الكمال المنافي لكليات الشرك وجزئياته، وأن هذا هو معناها وضعًا ومطابقة خلافًا لمن زعم غير ذلك من المتكلمين كمن يفسر ذلك بالقدرة على الاختراع أو بأنه تعالى غني عما سواه مفتقر إليه ما عداه فإن هذا لازم المعنى إذ الإله الحق لا يكون إلا قادرًا غنيًا عما سواه، وأما كون هذا هو المعنى المقصود بالوضع فليس كذلك، والمتكلمون خفي عليهم هذا وظنوا أن تحقيق توحيد الربوبية والقدرة هو الغاية المقصودة والفناء فيه هو تحقيق التوحيد، وليس الأمر كذلك، بل هذا لا يكفي في الإيمان وأصل الإسلام إلا إذا أضيف إليه واقترن به توحيد الإلهية، وإفراد الله بالعبادة والحب والخضوع والتعظيم والإنابة والتوكل والخوف والرجاء وطاعة الله وطاعة رسوله هذا أصل الإسلام وقاعدته والتوحيد الأول توحيد الربوبية والقدرة والخلق والإيجاد هو الذي بني عليه توحيد العمل والإرادة وهو دليله الأكبر وأصله الأعظم كما قال تعالى: ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾ إلى آخر الآيات قال العلامة ابن القيم –﵀ شعرًا:
إن كان ربك واحدًا سبحانه ... فاخصصه بالتوحيد مع إحسان
أو كان ربك واحدًا أنشأك لم ... يشركه إذ أنشاك رب ثان
فكذلك أيضًا وحده فاعبده لا ... تعبد سواه يا أخا العرفان
وهذه الجمل منقولة عن السلف والأئمة من المفسرين وغيرهم من أهل اللغة إجمالًا وتفصيلًا، وقد قرر –﵀ على شهادة أن محمدًا رسول الله من بيان ما تستلزمه هذه الشهادة وتستدعيه وتقتضيه من تجريد المتابعة والقيام بالحقوق النبوية من الحب والتوقير والنصرة والمتابعة والطاعة وتقديم سنته –ﷺ على كل سنة وقول والوقوف معها حيث ما وقفت والانتهاء حيث انتهت في أصول الدين
1 / 18