﴿فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ قُرْبَانًَا آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكَهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ قال –﵀ ومعلوم: أن المشركين لم يزعموا أن الأنبياء والأولياء والصالحين والملائكة شاركوا الله في خلق السماوات والأرض أو استقلوا بشيء، والتدبير والتأثير والإيجاد، ولو في خلق ذرة من الذرات، قال تعالى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ الْسَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولَنَّ اللهُ، قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ أَرَادَانِيَ اللهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِيَ اللهُ بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسكَاتِ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللهُ عَلَيِهِ فَلْيَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِلُونَ﴾ فهم معترفون بهذا مقرون به لا ينازعون فيه، ولذلك حسن موقع الاستفهام وقامت الحجة بما أقروا به من هذه الجمل وبطلت عبادة من لا يكشف الضر ولا يمسك الرحمة ولا يخفي ما في التنكير من العموم والشمول المتناول لأقل شيء وأدناه من ضر أو رحمة. وقال تعالى: ﴿قُلْ لِمَنْ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ إلى قوله ﴿فَأَنَّى تُسْحَرُونَ﴾ وقال تعالى: ﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرَهُمْ بَالَلهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ﴾ ذكر فيه السلف كابن عباس وغيره إيمانهم هنا بما أقروا به من ربوبيته وملكه وفسر شركهم بعبادة غيره. قال –﵀: وقد بين القرآن في غير موضع أن من المشركين من أشرك بالملائكة ومنهم من أشرك بالأصنام وقد رد عليهم جميعهم وكفر كل أصنامهم، كما قال تعالى: ﴿وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالْنَّبِيِينَ أَرْبَابًَا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾، وقال تعالى: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًَا مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ ...﴾ الآية، وقال: ﴿لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًَا لله وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ﴾ ونحو ذلك في القرآن كثير وبه يعلم المؤمن أن عبادة الأنبياء والصالحين كعبادة
1 / 13