Haine, Amitié, Amour, Mariage
كراهية وصداقة وغزل وحب وزواج
Genres
كان ضوء الشمس الساطع يدخل من النافذة، يكاد يبلغ وجهه مباشرة. كانت النافذة مغلقة، والهواء فاسدا ينضح بروائح عدة من بينها منفضة سجائر ممتلئة كانت على المقعد الذي استخدمه كأنه منضدة جانبية للفراش.
لديه عادات سيئة، يدخن في السرير.
لم يوقظه صوتها، أو ربما استيقظ بدرجة طفيفة فقط. بدأ يسعل.
تعرفت في سعاله على حالة خطرة، إنه سعال رجل مريض. كافح ليرفع جسده قليلا، بعينين لا تزالان مغلقتين، فاقتربت من الفراش وسندته. بحثت عن منديل قماشي أو علبة مناديل ورقية، لكنها لم تر شيئا من هذا فتناولت قميصه من الأرض. أرادت أن تنظر عن قرب إلى ما بصقه.
عندما سعل بما يكفيه، غمغم بشيء وغاص مجددا في الفراش، وهو يلهث، ورأت الوجه الساحر المعتد بنفسه الذي تتذكره وهو يتجعد مشمئزا. أدركت من ملمس جسده أنه مصاب بحمى.
كان لون المادة التي بصقها أصفر مائلا للخضرة، دون وجود لخطوط البلغم الصدئ. حملت القميص إلى حوض الحمام، وهناك اندهشت لوجود قالب صابون، فغسلت القميص وعلقته على شماعة الباب، ثم غسلت يديها على أتم وجه. اضطرت لأن تجففهما في تنورة ثوبها البني الجديد. كانت قد ارتدت هذا الثوب في حمام آخر - حمام السيدات على متن القطار - قبل ما لا يزيد عن ساعتين أو نحو ذلك. وقد تساءلت حينذاك إن كان ينبغي عليها أن تضع على وجهها بعض مساحيق الزينة.
في خزانة الردهة عثرت على لفافة ورق حمام، فأخذتها إلى غرفة نومه من أجل المرة القادمة حين يغلبه السعال. التقطت البطانية من الأرض وغطته جيدا، وأسدلت مصاريع النافذة حتى الإطار ورفعت النافذة الصلبة بوصة أو اثنتين، مثبتة إياها مفتوحة بواسطة منفضة السجائر التي أفرغتها. ثم بدلت ثيابها، بالخارج في الردهة، فنضت عن نفسها الثوب البني وعادت إلى ثياب قديمة أخرجتها من حقيبتها. سيكون ارتداء ثوب لطيف أو وضع أي قدر من المساحيق الآن أمرا لا لزوم له.
لم تكن متأكدة من مدى سوء حالته، ولكنها مرضت السيدة ويليتس - وكانت هي الأخرى مدخنة شرهة - خلال نوبات عديدة من إصابتها بالتهاب شعبي، وفكرت أن بوسعها أن تتدبر أمرها لفترة دون الاضطرار لاستدعاء طبيب. في خزانة الردهة ذاتها وجدت كومة من مناشف نظيفة، على الرغم من أنها بالية وحائلة اللون، فبللت إحداها ومسحت ذراعيه وساقيه، في محاولة لتلطيف السخونة. وعند ذاك استيقظ بنصف انتباه وعاود السعال من جديد. رفعته وجعلته يبصق في ورق الحمام وتفحصت ما بصقه مرة أخرى ثم ألقت به في مقعد المرحاض وغسلت يديها. لديها الآن منشفة لتجفيفهما. نزلت إلى الطابق الأرضي ووجدت كوبا في المطبخ، كما وجدت أيضا زجاجة كبيرة فارغة من جعة الزنجبيل، فملأتها بالماء. ثم حاولت أن تجعله يشربه. احتسى النزر اليسير، متمنعا، وتركته يرقد. وبعد خمس دقائق أو نحو ذلك كررت المحاولة مجددا. واصلت القيام بهذا حتى اعتقدت أنه ابتلع أقصى ما يمكنه شربه دون أن يتقيأ.
بين الوقت والآخر كان يسعل فترفعه، وتمسك به بإحدى ذراعيها بينما تربت باليد الأخرى على ظهره لمساعدته على تحرير العبء الرازح على صدره. فتح عينيه عدة مرات وبدا كأنه يتقبل وجودها دون توتر أو اندهاش، أو حتى امتنان. مسحت جسده بإسفنجة مرة أخرى، حريصة على أن تغطي بالبطانية على الفور الجزء الذي رطبته للتو من جسده.
لاحظت أن المساء بدأ يحل، فنزلت إلى المطبخ، ووجدت زر النور. كانت الكهرباء تعمل وكذلك الموقد الكهربائي العتيق. فتحت علبة طعام محفوظ فيها حساء أرز بالدجاج فسخنته، ثم حملته إلى الطابق الأعلى وأنهضته. ابتلع القليل من الملعقة. استغلت فرصة يقظته المؤقتة لتسأله إن كانت لديه قارورة أقراص أسبرين. أومأ برأسه أن نعم، ثم صار متحيرا للغاية وهو يحاول أن يخبرها بموضعها. قال: «في سلة المهملات.»
Page inconnue