Haine, Amitié, Amour, Mariage
كراهية وصداقة وغزل وحب وزواج
Genres
قال: «لو استطعت فقط أن أتجاوز هذه العقبة! من بعدها أنا واثق بأنني أستطيع إنجاح المشروع.» ولكن ماذا كانت العقبة؟ حاجته العاجلة إلى المال. غير أنه لم يقل إن كان هذا المال سوف يذهب إلى المالك السابق، أم إلى البنك، أم إلى شخص استدان منه برهن العقار، أم ماذا! كانت هي القصة القديمة ذاتها؛ النبرة اليائسة والمتملقة الممتزجة بشيء من العجرفة، وإحساس بأنه يطلب حقا له، بسبب ما ابتلي به من جراح، ما عاناه من خزي من جراء مارسيل.
على الرغم من هواجسه العديدة، تذكر أن كين بودرو كان على كل حال زوج ابنته، وقد خاض الحرب وعانى في زواجه ما لا يعلمه إلا الله من كروب؛ لذلك فقد جلس السيد ماكولي وكتب رسالة يخبره فيها أنه ليس لديه أي فكرة كيف عساه أن يحصل على أفضل سعر للأثاث، وأنه سيكون من العسير للغاية عليه أن يكتشف وسيلة لذلك، وأنه يرفق بالرسالة شيكا، وهو ما سيعتبره قرضا شخصيا محضا. وتمنى لو أن زوج ابنته يعتبره كذلك أيضا، وأن يتذكر عددا من القروض الشبيهة التي أقرضها له فيما مضى، وكما يعتقد، فإن مجملها يتجاوز أي قيمة للأثاث. أدرج أيضا قائمة بالتواريخ والمبالغ المالية. ففيما عدا خمسين دولارا دفعها صهره له قبل ما يقرب من العامين (مع وعد بأن يتبعها دفعات سداد منتظمة)، لم يتلق منه شيئا. وعلى صهره هذا أن يفهم بالطبع أنه نتيجة لكل تلك القروض من دون أي فائدة التي لم ترد فإن دخل السيد ماكولي قد انخفض، بما أنه كان يمكنه استثمار هذا المال لولا ذلك.
فكر أن يضيف: «أنا لست الأحمق الذي يبدو أنك تعتبرني إياه!» غير أنه أحجم عن ذلك، بما أن ذلك سيكشف عن سخطه وربما ضعفه.
وانظر الآن ما كان منه، لقد باغت غريمه وجند جوهانا - كان دائما قادرا على التعامل مع النساء - وحصل على الأثاث علاوة على الشيك. لقد دفعت ثمن الشحن من جيبها الخاص، كما أبلغه ناظر المحطة. قطع الأثاث الحديثة اللامعة المظهر والمصنوعة من خشب القيقب قد بولغ في قيمتها في المعاملات بينهما بالفعل ولا تستحق الكثير مقابلا لها، وخصوصا إذا وضع في الاعتبار كلفة النقل بالقطار. لو كان هذان الاثنان أكثر براعة لكانا أخذا شيئا من المنزل؛ إحدى الخزائن العتيقة أو أرائك ردهة الاستقبال غير المريحة لدرجة تنفر من الجلوس عليها، التي تم صنعها وشراؤها في القرن الماضي. كان ذلك بالتأكيد سيكون سرقة صريحة. ولكن ما فعلاه لم يبتعد عن ذلك كثيرا.
توجه للنوم في فراشه وقد عقد عزمه على مقاضاتهما.
استيقظ في المنزل وحيدا، دون رائحة قهوة أو إفطار تنبعث من المطبخ، بدلا من ذلك، كانت هناك نفحة متبقية ما زالت في الهواء من أثر احتراق القدر. لسعة برودة فصل الخريف استقرت في جميع الغرف العالية السقوف، المهجورة من أهلها. كان الجو دافئا حتى المساء السابق فقط أو في المساءات السابقة عليه؛ ذلك لأن نيران الفرن لم تكن قد انطفأت بعد، وحين قام السيد ماكولي بإشعاله كان الهواء الدافئ مصحوبا بهبة من رطوبة القبو، هبة من رائحة عفن وأرض وتحلل. اغتسل وارتدى ثيابه في بطء، مع وقفات من شرود اللب، ثم فرد بعضا من زبدة الفول السوداني على قطعة من خبز ليفطر. إنه ينتمي إلى جيل يقال إن رجاله غير قادرين حتى على غلي بعض الماء، وكان هو أحد هؤلاء. نظر عبر النوافذ الأمامية فرأى الأشجار على الجانب الآخر من مضمار السباق يلفها ضباب الصباح، الذي بدا وكأنه يزيد ويتقدم، لا يتراجع كما ينبغي أن يكون في هذه الساعة، عبر المضمار ذاته. بدا وكأنه يرى في الضباب الأبنية غائمة الصورة لأراضي المعرض القديم؛ أبنية حميمة ورحبة، وكأنها حظائر ضخمة. انتصبت تلك الأبنية لسنوات وسنوات دون أن تستخدم - طوال فترة الحرب - وقد نسي ما الذي حل بها في النهاية. هل حل بها الخراب، أم سقطت متهدمة؟ إنه الآن يمقت السباقات التي كانت تقام فيها، الحشود ومكبرات الصوت وشرب المسكرات غير القانوني والضجيج الجائح لأيام الآحاد في الأصياف. عندما تذكر ذلك تذكر ابنته المسكينة مارسيل، جالسة على سلم الشرفة تصيح على زميلاتها في المدرسة الناضجات بينما هن يخرجن من السيارات المركونة ويهرعن لمشاهدة السباقات. تذكر الضجة التي كانت تثيرها، والبهجة التي كانت تعرب عنها لرجوعها إلى البلدة، تبادل الأحضان معهن وتأخيرهن والتحدث بسرعة ميل في الدقيقة، والثرثرة دون التقاط الأنفاس حول أيام الطفولة وكيف أنها افتقدت جميع الناس هنا. كانت قد قالت إن الأمر الوحيد غير المثالي بشأن حياتها كان افتقادها لزوجها، كين، الذي سافر إلى الغرب لظروف عمله.
كانت تخرج إلى الشرفة وهي مرتدية منامتها الحريرية، وبشعرها الأشقر المصبوغ غير المصفف. كانت ذراعاها وساقاها نحيلة، لكن وجهها كان منتفخا إلى حد ما، وما زعمت أنه سمرة أضفتها الشمس عليها لم يكن إلا لونا بنيا يشي بالمرض، ربما مرض الصفراء.
أما الطفلة فقد بقيت بالداخل تشاهد التيلفزيون، برامج الرسوم المتحركة ليوم الأحد التي كانت كبيرة على مشاهدتها بكل تأكيد.
لم يستطع أن يعرف ما المشكلة، أو أن يكون على ثقة من وجود أي مشكلة أساسا. سافرت مارسيل إلى لندن لمعالجة مرض من أمراض النساء هناك، وتوفيت في المستشفى. وحين اتصل تليفونيا بزوجها ليخبره، قال كين بودرو: «ما الذي تناولته؟»
لو أن أم مارسيل كانت لا تزال على قيد الحياة، هل كانت الأمور ستختلف ولو قليلا؟ الحقيقة أن أمها، حين كانت لا تزال حية، كانت لا تقل عنه هو حيرة وارتباكا. كانت تجلس في المطبخ تبكي بينما كانت ابنتهما المراهقة، والمحبوسة في غرفتها المغلقة عليها، تنزل من النافذة وتنزلق إلى سطح الشرفة الخارجية حيث ترحب بها حمولة سيارة من الشباب.
Page inconnue