Haine, Amitié, Amour, Mariage
كراهية وصداقة وغزل وحب وزواج
Genres
قال: «أوه، حسنا، السكك الحديدية تعرف كيف تشحن الأشياء. وهم لا يستخدمون لشحن الأثاث العربات نفسها التي تشحن الخنازير.» «أنا حريصة جدا أن يصل الأثاث إلى هناك في نفس الحالة الجيدة التي يذهب بها من هنا.» «حسنا، تعرفين شيئا، عندما اشتريت أثاثك ذلك، كان في المتجر، صحيح؟ ولكن هل سبق لك أن فكرت كيف وصل إلى هناك؟ فهو لم يتم تصنيعه في المتجر، صحيح؟ كلا، لقد صنع في مصنع ما في مكان ما، ثم شحنوه إلى المتجر، ومن المحتمل جدا أن يكونوا شحنوه بالقطار أيضا. إذا كانت هذه هي الحال، أفلا يعتبر هذا دليلا منطقيا على أنهم في السكك الحديدية على دراية بهذا الأمر؟»
ظلت ترنو إليه دون ابتسامة أو أي إقرار بحماقتها الأنثوية.
قالت: «أتمنى هذا، أتمنى أن يكونوا كذلك!» •••
كان بوسع ناظر المحطة أن يقول، دون تفكير في الأمر، إنه يعرف كل سكان البلدة؛ مما كان يعني أنه يعرف بالفعل نصفهم تقريبا. وأغلب من كان يعرفهم هم نواة البلدة وأساسها؛ أي إنهم «سكان» البلدة حقا، بمعنى أنهم لم يصلوا إليها أمس وليس لديهم أي خطط للانتقال إلى مكان آخر. لم يكن يعرف المرأة المسافرة إلى ساسكاتشوان لأنها لم تكن تصلي في الكنيسة نفسها التي يصلي فيها، أو تعلم أطفاله في المدرسة، أو تعمل في أي من المتاجر والمطاعم والمكاتب التي كان يتردد عليها. كما أنها لم تكن زوجة لأي رجل ممن عرفهم في إلكس أو أودفيلوز أو نادي الليونز أو الليجيون. وبنظرة منه إلى يدها اليسرى حين كانت تستخرج نقودها علم - ولم يندهش بما علم - أنها غير متزوجة من أي شخص. ومن حذائها ذلك، وجوربها القصير بدلا من الجوارب الحريمية الطويلة، وخروجها في ساعة الأصيل بلا قبعة أو قفازين، علم أنها قد تكون إحدى المزارعات. غير أنها لم تبد ذلك التردد الذي يميزهن عموما، وذلك الحرج. لم تكن لها أخلاق القرية، في الحقيقة، لم تكن لها أخلاق بالمرة؛ إذ تعاملت معه كما لو كان ماكينة معلومات. علاوة على أنها كتبت عنوانها في البلدة - طريق المعارض. لم تذكره حقا إلا براهبة في ثياب عادية غير رسمية كان قد رآها على شاشة التليفزيون وهي تتحدث عما أدته من عمل تبشيري في مكان ما بالأدغال، أغلب الظن أنهن خلعن ثياب الرهبانية هنالك لأن من شأن هذا أن يسهل عليهن السعي والتسلق هنا وهناك. •••
كان هناك أمر آخر انتوت جوهانا القيام به لكنها طالما أرجأته؛ إذ كان عليها أن تقصد متجر ثياب يدعى متجر ملادي وأن تشتري لنفسها ثوبا. لم يسبق لها بالمرة أن دخلت ذلك المتجر؛ فكلما اضطرت إلى شراء أي شيء - جورب قصير مثلا - كانت تذهب إلى متجر كالاجان لملابس الرجال والنساء والأطفال. كانت قد ورثت الكثير من الثياب عن السيدة ويليتس، أشياء مثل هذا المعطف الذي لن يبلى نسيجه أبدا. أما عن سابيتا - الفتاة التي تقوم برعايتها في منزل السيد ماكولي - فإن بنات عمها كن يمطرنها بأشيائهن الغالية الفائضة عن الحاجة.
في واجهة متجر ملادي تقف اثنتان من تماثيل المانيكان ترتدي كل واحدة طقم تايير بتنورة قصيرة وسترة مربعة قصيرة. أحد الطقمين كان لونه بنيا مذهبا قليلا والآخر كان لونه أخضر ناعما وعميقا. كانت أوراق شجر القيقب كبيرة ومبهرجة ومصنوعة من الورق، موزعة بين أقدام التمثالين وملصقة على الواجهة الزجاجية هنا وهناك. في هذا الوقت من العام، حين كان أغلب الناس منشغلين بكنس وجرف أوراق الشجر المتساقطة وحرقها، كانت تلك الأوراق ذاتها موضع احتفاء هنا. وعلقت على الزجاج لافتة أفقية مكتوبة بخط أسود مائل الحروف تقول: أناقة بسيطة، موضة الخريف.
فتحت الباب ودخلت المتجر.
أمامها مباشرة مرآة بطول القامة أظهرتها في معطف السيدة ويليتس، المعطف الممتاز من حيث الجودة لكنه طويل ومهلهل، يكشف عن بضع بوصات من ساقيها المنتفختين العاريتين فوق الجورب القصير.
لقد فعلوا ذلك عن عمد بكل تأكيد. وضعوا المرآة هناك بحيث يمكنك تكوين فكرة تامة عن عيوبك فورا؛ ومن ثم - كما يأملون - تقفزين إلى نتيجة مفادها أن عليك شراء شيء ما ليغير من هذه الصورة. حيلة مكشوفة تماما كانت من الممكن أن تدفعها لمغادرة المتجر، لولا أنها دخلت بنية سابقة، وهي تعرف ماذا يجب أن تشتري.
على طول أحد الجدران كان هناك حامل معلقة عليه فساتين السهرة، كلها ملائمة لحسناوات ذاهبات إلى حفلات راقصة، بأقمشة الشيفون والتافتاه، والألوان الرقيقة كالأحلام. ومن ورائها، وفي صوان زجاجي بحيث لا يمكن أن تصل إليها أي أصابع قد تدنسها، نصف دستة من أثواب العرس، من دانتيل هائش وناصع البياض أو من ساتان بلون الفانيليا أو شبيك مزخرف بلون العاج السمني، وكلها مطرزة بخرز فضي أو لآلئ صغيرة. الأجزاء المحيطة بأعلى الجسم دقيقة الحجم، وفتحات الصدر واسعة كالمراوح، وتنانير باذخة وواسعة. حتى حين كانت أصغر سنا ما كان بوسعها بالمرة أن تفكر في مثل ذلك الإسراف، ليست فقط مسألة نقود بل مسألة تطلعات، الأمل المستحيل في أن تتغير، وأن تهنأ بالسعادة.
Page inconnue